السياحة والإنفاق السعودي الكبير
عيسى الحليان ..
تشير أرقام المنظمة العالمية للسياحة إلى أن عدد السعوديين الذين يغادرون للخارج سنويا يقدر بـ 5 ملايين يقضون 30 مليون ليلة، وإذا ما أضفنا لهذا العدد نسبة إنفاق السائح السعودي على الرحلة الواحدة (6805 دولارات) وهذا ما يزيد بستة أضعاف على ما ينفقه نظيره الغربي وهو ما يضع السعودي - ولا فخر - على لائحة أعلى نسبة إنفاق سياحي في العالم، خلاف إنفاق بعض الشرائح الاجتماعية الكبيرة وغير المدرجة أصلا في مثل هذه النسب، فإذا كان مركز «ماس» قد قدر حجم إنفاق السعوديين في الخارج بنحو 96 مليارا عام 2015 وبزياده قدرها 26 مليارا على العام الذي سبقه، فإننا نتحدث إذن عن سيولة هائلة تخرج من البلد سنويا، والإشكالية التي ننفرد بها عن كل دول العالم هنا، لا تتمثل في حجم الإنفاق أو عدد السياح، وإنما لعدم وجود «تغذية راجعة» من وراء هذا القطاع، فليس ثمة سياحة تبادلية بحيث تتم تغطية ميزان السياحة المستوردة بالسياحة المصدرة، وبالتالي نسير في «طريق سد» اقتصاديا، والذين يشاهدون طوابير سيارات السعوديين أمام جمارك الدول المجاورة واندفاعهم للسفر بهذه الصورة في هذه العطلات القصيرة وآخرها العطلة الماضية، يجزم بأننا ندفع ثمن شيء ما ربما يتعدى مفهوم وقيمة السياحة التقليدية، وإذا ما أضفنا لهذا الثمن الكبير ما ذكرته من ضعف نصيب البلاد من السياحة الخارجية، وتراجع دور وأهمية مراكز الاصطياف التقليدية في أبها والطائف وغيرهما واندثار دورهما السياحي التقليدي مقارنة بالإنفاق الخارجي الصاعد بسرعة الصاروخ، فإن بند السياحة الاستهلاكي يمثل هنا استنزافا للمدخرات الوطنية وقطعا هو بند يمكن ترشيده أيضا عن طريق فهم مسبباته وعلاج أورامه ودماميله الاجتماعية والتي لا تعكس سوى مظهر من مظاهر احتقان اجتماعي عام، ويزيد حجم هذه المشكلة إذا ما علمنا أن بند القروض الاستهلاكية يصب في معظمه في تمويل هذه الرحلات السياحية ويكلف الأفراد والاقتصاد فاتورة كبيرة وغير قابلة للتعويض!!
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2017/02/14