إعلان الذمة المالية: لست متفائلا!!
سالم بن أحمد سحاب ..
منذ أكثر من شهرين قيل أن ملف قضية تتضمن تهمة فساد كبيرة (في فرع وزارة المياه في المدينة المنورة) قد أوشك على بلوغ مداه، وأن المحكمة الجزائية في المدينة المنورة ستصدر حكمها النهائي يوم 29 ربيع الأول المنصرم، وربما صدر الحكم فعلا، لكن عيني لم تُحسن متابعته في صحفنا ووسائل إعلامنا.
هذه شبهة فساد واحدة وغيرها كثير، وهي حتمًا قضايا تبعث على الإحباط الشديد، لكن كل ذلك قد يُحتمل باعتبار أن الفساد عمومًا جزء من الطبيعة البشرية منذ النشأة الأولى. أما غير المحتمل فهو كما ذُكر مرارًا وتكرارًا، فذلك الصمت الذي يلتف حول كل قضية فساد كبيرة، فيظل أبطالها رموزًا حرفية لا يستطيع أحد فك ألغازها إلا أن يكون قريبًا منها كموظف في محكمة أو مسؤولًا في جهات التحقيق.
نعم تبدأ القضية وتُطوى القضية، وكل التحقيقات والنتائج والأحكام محاطة بالكتمان والسرية، مما يوهن أسلحة الردع الظاهرة منها والخفية.
ولذا شخصيًا لم أتحمس لما يدور من حديث حول التوصية بإعلان الذمة المالية لكبار موظفي الدولة والقضاة ومن يلونهم من أصحاب النفوذ حتى المرتبة 13 في سلم الخدمة المدنية. السبب طبعًا هو الشعور بعدم نجاعة هذا الإعلان طالما أن أي مخالفة مهما كبرت ستظل قيد الكتمان! كيف يرتدع زيد إذا لم يعلم بما حل بالفاسد عبيد؟!
وكيف يرتدع عبيد أصلًا إذا علم أن الفضيحة لن تلحقه أبدًا، بل ربما شمله عفو كريم في رمضان كريم، وذلكم بافتراض إدانته أصلًا، وعدم خروجه من القضية كما خروج الشعرة من العجين!
كل إصلاح مهما بدا جميلًا على الورق، ومهما تضمنته وثائق فاخرة وعبارات منمقة، سيظل مبتورًا ما لم تُعلن حرب شاملة ضد الفساد من جذوره، وما لم يعرف كل مواطن أعداءه الذين يمتصون خيرات بلاده ويفسدون عليه أحلامه وتطلعاته في مجتمع نظيف تسوده شفافية بالغة وصراحة كاملة.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/02/15