500 ممرض عاطل عن العمل... أين الخلل؟
جميل المحاري ..
رضينا بالأمر الواقع على رغم مرارته، وعلى رغم تناقضه مع جميع الأعراف والقيم الإنسانية، والنظريات الاقتصادية، وحقوق المواطنة، والعدالة الاجتماعية... رضينا بأن يصبح أبناؤنا من خريجي الهندسة والمحاسبة وتقنية المعلومات، ومختلف التخصصات في سلك التعليم، وحتى خريجي الصحافة والإعلام، عاطلين عن العمل بعد سنوات من الجهد والدراسة والمصاريف المرهقة للأهل، في حين يُستجلب الأجانب من مختلف بقاع الأرض ليشغلوا هذه الوظائف سواءً في القطاع العام أو الخاص، ويبقى أبناؤنا دون أمل.
رضينا بأن تقتل أحلام أبنائنا وطموحهم في وظيفة تساعدهم في بناء مستقبلهم، واستسلمنا كما استسلموا هم في القبول بأي وظيفة كانت، حتى وإن كانت بعيدةً عن تخصصاتهم وبمرتبات تقل كثيراً عمّا كانوا يتوقعونه، وقلنا اللهم لا اعتراض، هذه هي نتائج سياسة السوق المفتوح التي لا تُطبّق إلا في دولنا!
ولكن أن يصل الأمر لقطاع من أهم القطاعات الخدمية في الدولة، والذي يشهد نقصاً حاداً وملموساً في أعداده كتخصّص الطب والتمريض، وأن يجلس أكثر من 500 من خريجي التمريض دون عمل رغم إعلان وزارة الصحة عن نيتها في استجلاب الكثير من الممرضين من الخارج، والأمرّ من ذلك نية الدولة في فتح كليات للتمريض في دول أجنبية للاستفادة من مخرجاتها للتوظيف في البحرين، فإن ذلك يمكن أن يفسر بأكثر من اقتصاديات السوق المفتوحة ويضع أكثر من علامة استفهام بشأن سياسة التوظيف والعمل في البحرين.
في ردها الضعيف بشأن التقرير الذي نشرته صحيفة «الوسط» قبل أسابيع بشأن وجود أكثر من 500 ممرض وممرضة عاطلين عن العمل منذ أكثر من ثلاث سنوات، برّرت وزارة الصحة أن ذلك يرجع بالأساس لنقطتين هما وجود شاغر في الوظائف لدى الوزارة، والميزانية المتوافرة، وأشارت بشكل عابر للتخصصات المطلوبة والغير متوفرة لدى الخريجين العاطلين.
الوزارة لم تشر من قريب أو بعيد لسياسة الإحلال والتوطين... ربما لم يكن ذلك من اهتماماتها في الأساس، كما لم تشر في ردها إلى أعداد الممرضين الأجانب وتخصصاتهم... ربما من باب المداراة، وذكرت أنها قامت بتوظيف 430 ممرضاً وممرضة بحرينياً خلال الأربع سنوات الماضية، ولم تذكر أعداد الممرضين الأجانب التي قامت بتوظيفهم خلال نفس هذه الفترة.
قبل شهر واحد أو أقل، وتحديداً في 23 يناير/ كانون الأول 2017 أعلنت وزارة الصحة عن أنها «تدرس استقدام عمالة هندية للاستفادة منها في المجال الصحي»، وذلك خلال استقبال وكيل وزارة الصحة لوفد ممثل للحكومة الهندية برئاسة وزير العمل في حكومة تيلانجانا بجمهورية الهند.
مادامت الوزارة تعترف بوجود نقص في تخصصات دقيقة وفرعية مثل «تمريض الأورام والعناية المركزة والطوارئ ووحدة الكلى»، أفليس من الأجدى تدريب الممرضين البحرينيين الخريجين أو ابتعاث المتفوقين منهم لتكملة دراستهم في الخارج على مثل هذه التخصصات بدلاً من فتح كليات على حساب دولة البحرين في دول أجنبية لتخريج كوادر أجنبية ومن ثم توظيفها في المستشفيات الحكومية؟
النقطة الأهم هي أليست كلية العلوم الصحية كلية حكومية كانت تتبع في الماضي وزارة الصحة ويجب أن يتم التنسيق التام والكامل بين الجهتين فيما يخص التخصصات المطلوبة محلياً بدلاً من أن تخرج المزيد من الطلبة الذين لن يتمكنوا من الحصول على فرص عمل بعد تخرجهم... والسؤال أين وزارة الصحة من كل ذلك؟
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/02/21