الاختفاء القسري في البحرين... حقيقة أم افتراء؟
هاني الفردان ..
نفى مساعد وزير الخارجية عبدالله الدوسري، وجود حالات اختفاء قسري في البحرين، مؤكدا وجود ضوابط قانونية وتشريعية وضمانات حقوقية لمن يتم القبض عليه، وأن ما يحدث من حالات هو تأخر في اتصال المقبوض عليهم بأهاليهم لا غير.
كلمة «تأخر في اتصال المقبوض عليهم بأهاليهم»، يمكن أن نضع خطا كبيرا أسفلها، فهي بحد ذاتها قد تعد شكلاً من أشكال «الاختفاء» في ظل كون ذلك «التأخر» لمدة زمنية معينة.
حديث مساعد وزير الخارجية جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقده الأربعاء (22 فبراير/ شباط 2017)، في مقر الوزارة، للحديث عن تقرير البحرين في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل، والذي من المزمع أن يناقش حالة حقوق الإنسان في البحرين.
ووفقا للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 133/47 المؤرخ 18 كانون الأول/ ديسمبر1992 بوصفه مجموعة مبادئ واجبة التطبيق على جميع الدول، فإن الاختفاء القسري يحدث عند «القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون».
هناك 3 عناصر أساسية لابد من توافرها لتكتمل أركان «الاختفاء القسري» في أي مكان؛ أولاً، أن يكون المختفي محتجزاً أو مسلوب الحرية، ثانياً أن يكون ذلك الاختفاء بسبب الدولة أو جهة رسمية أو أحد يحمل الصفة الرسمية، فيما يكون الركن الثالث وهو الأهم هو نكران وجود المختفي لتلك الجهات أو حتى معرفتها بذلك.
بالعودة إلى حديث مساعد وزير الخارجية ونفيه وجود حالات اختفاء قسري، فإنه قد تحدث عن تأخر في اتصال المقبوض عليهم بأهاليهم، وهذا التأخر ينتج عنه تحقيق الأركان الثلاثة السابق، وهو أن المقبوض عليه محتجز ومسلوب الحرية، ولدى جهات رسمية، وأن أهله وذويه لا يعلمون عنه شيئا أو مكان وجوده، وفي الكثير من الأحيان يكون هناك نكران لوجوده، ولو كان ذلك بصفة «مؤقتة» أو لمدة زمنية محددة سواء كان ذلك عن قصد أو غير قصد، هذا إذا ما عرفنا أن المتعارف عليه دولياً بشأن الاختفاء القسري لم يحدد وقتا أو مدة معينة في تعريف ذلك.
في الفصل الثالث من مرسوم بقانون رقم (46) لسنة 2002 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية باب «القبض على المتهم» نصت المادة (61) على أنه «لا يجوز القبض على أي إنسان أو حبسه إلا بأمر من السلطات المختصة بذلك قانونا، كما يجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا، ويواجه كل من يقبض عليه بأسباب القبض عليه، ويكون له حق الاتصال بمن يرى من ذويه لإبلاغهم بما حدث والاستعانة بمحام».
كما نصت المادة (62) على أنه «لا يجوز حبس أي إنسان إلا في السجون المخصصة لذلك، ولا يجوز لمأمور السجن قبول أي إنسان فيه إلا بمقتضى أمر موقع عليه من السلطات المختصة وألا يبقيه بعد المدة المحددة بهذا الأمر».
سيذهب البعض للحديث عن وجود قانون آخر، وهو قانون رقم (58) لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، وقد يعطي مساحة أكبر للجهات المعنية أكثر من المساحة التي يوفرها قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن ذلك القانون أيضاً نص بشكل صريح وواضح في المادة (28) (الأصل وما جرى عليها من تعديل في عام 2014) على أن «تبقى المعلومات المقدمة من المصادر الأمنية بصدد الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون سرية لدى نيابة الجرائم الإرهابية، ولا يجوز البوح بها أو بأسماء مقدميها، مع عدم الإخلال بأحكام المادة (61) من قانون الإجراءات الجنائية»، أي أن قانون الإرهاب أيضاً نص وبوضوح وشدد على ضرورة عدم الإخلال بحق المقبوض عليه بأن لا يحبس إلا بأمر السلطات المختصة، وأن يعامل معاملة إنسانية، ولا يتعرض لإيذاء معنوي أو جسدي، وأن يواجه بأسباب القبض عليه وأن يكون له حق الاتصال بمن يرى من ذويه لإبلاغهم بما حدث والاستعانة بمحام.
الواضح أن القانون في شقيه (الجنائي أو الإرهابي) أعطى المقبوض عليه الحق في الاتصال بذويه والاستعانة بمحام، وهذا الحق هو الذي يحدد ما إذا حدث اختفاء قسري من عدمه، فكلما تأخر إعطاء ذلك المقبوض عليه ذلك الحق، فإنه فعلياً وقع تحت خانة «الاختفاء القسري».
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/02/25