التعميم في التصاريح
إبراهيم محمد باداود ..
يشير الباحثون بأن العقل البشري يعمد إلى استخدام ( التعميم ) في التصاريح ليسهل عليه إلقاء الحُكم على الآخرين بدون استثناء ، فالتعميم هو وضع المتفاوتات في مرتبة واحدة من غير برهان ، وأن تجعل حكماً عاماً لا تخصيص فيه لأحد بعينه ، والتعميم ظاهرة مستشرية تلقى رواجاً عند فئة كبيرة في المجتمع لأنها لا تحتاج إلى جهد أو عناء في التفكير والبحث والاستقصاء والتحليل ،إذ من السهل على البعض أن يطلق الأحكام العامة فيقول بأن ذلك المجتمع متخلف أو إرهابي أو أن التجار لصوص أو أصحاب هذا المذهب مبتدعة وغيرها من الأحكام العامة والعبارات المختصرة والتي تطلق هنا وهناك بسهولة ويسر ودون تأمل أو تفكير في حجم الضرر الذي قد تحدثه بين أفراد المجتمع.
مؤخراً نشرت بعض وسائل الإعلام تصريحا لوزير التعليم أثار حالة من الغضب في أوساط المعلمين والمعلمات إذ قال معاليه خلال كلمته بورشة عمل حول مناهج المدارس العالمية والتي عقدت مؤخراً بالرياض بأن المدارس الحكومية باتت تفتقر إلى المعلمين الحقيقيين حيث أصبحت العملية التعليمية تقتصر فقط على « التلقين « بتقديم المعلومة للطالب دون منحه فرصة للبحث والاستكشاف والمشاركة بالتساؤل ، وقد استاء بعض المعلمين من مثل هذه التصريحات ورأوا فيها مهاجمة لهم من جهة في حين رأى البعض بأن مثل هذه التصاريح ذريعة لإخفاء فشل الوزارة مما جعلهم يطلقون وسماً بعنوان (العيسى –يهاجم –المعلمين)، وقد اختلفت ردود الأفعال اتجاه تصريح الوزير فالبعض يراها في محلها لأن معظم المعلمين لم يطوروا من أنفسهم ويواكبوا التكنولوجيا والأساليب الحديثة المتبعة في التعليم .
الحذر في التعميم في إصدار الأحكام أمر يجب مراعاته وخصوصاً من قبل المسؤولين وأصحاب العلم والخبرة، والأولى لأمثال هؤلاء إن لم يكن لديهم إحصائية أو معلومة واضحة أن يبتعدوا عن التعميم أو على أقل تقدير أن يستخدموا ألفاظاً مثل ( معظم ) أو ( أغلب ) أو ( كثير ) أو ( بعض ) فهذه المصطلحات تساهم في وضع استثناءات يمكن أن تجعل لصاحب التصريح مخرجاً وأن لا يظلم بتصريحه بعض الأفراد الذين قد يشملهم التعميم وهم بريئون منه .
آفة التعميم تكاد تصبح ظاهرة في مجتمعنا، فالبعض أصبح يصدر الأحكام على مواقف فردية فيطلق التهم والأوصاف هنا وهناك حتى أصبح الأصل في مجتمعنا هو الأمر السلبي والاستثناء هو الأمر الإيجابي.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/02/26