موسم الافتراء على الغرب..نلوم الإرهابيين وحكوماتنا ’داعشية’
وائل السمرى
عقب كل حادث إرهابي كبير يشهده العالم يلجأ بعض الإسلاميين إلى ذات النغمة المزعجة التي لا تشير أبدًا إلى أننا نسلك الطريق الصحيح في معالجة الكوارث الكبرى، فمنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر ونحن لا نمل من تكرار معايرة الغرب بأنهم مرضى بـ«الإسلاموفوبيا»، وأنهم يعادون الإسلام والمسلمين دون مبرر، لكننا في الحقيقة لا نجنى من هذا الخطاب سوى المزيد من الكذب على النفس، وللأسف تمارس هذه العادة شخصيات بارزة وأسماء لها ثقلها في المجتمع الدولي، وللأسف أيضًا فإننا لا نجنى من هذه الادعاءات سوى المزيد من الدماء.
قد يكون كلامي هذا قاسيًا، لكنني في الحقيقية لا أفهم تلك النبرة الكاذبة التي يرددها البعض عقب كل حادث إرهابي يتورط فيه مسلمون، نعم، ليس كل المسلمين إرهابيين، لكن للأسف غالبية الحوادث الإرهابية التي يشهدها العالم الآن أبطالها مسلمون، وللأسف فقد تورط في هذه الأحداث شباب من أصول عربية، فتح لهم الغرب أبوابه، واستضافهم هم وآباءهم، لكنهم لم يحفظوا الجميل، ولم يقدروا الحياة الغربية حق تقديرها، وغرقوا في الانكفاء على الذات حتى تطرفوا.
لا أنسى هنا أيضًا أن أؤكد اعتقادي الراسخ بأن هناك دعمًا خارجيًا يتلقاه الإرهابيون الإسلاميون، سواء من بعض التكتلات الغربية، أو من بعض الموالين للغرب في الداخل، لكن هذا أيضًا لا ينفى أن في المتون الإسلامية ما يمنح هؤلاء الإرهابيين أساسًا مرجعيًا لإرهابهم، ولا ينفى أيضًا أن العديد من الحكومات العربية «داعشية الهوى»، تمارس مع خصومها «الدينيين» أو «السياسيين» ذات الأفعال التي تفعلها «داعش» مع مخالفيها، فنحن دائمًا ننسى أن الإصلاح لابد أن يأتي من الداخل، وأن الإسلام تشوه بالفعل عبر مئات السنين التي أضافت إلى متونه الأساسية متونًا أخرى صارت أشد تقديسًا من الكتاب والسنة، وصار صناعها أشد قداسة من الإسلام ذاته.
جميعنا يردد أن الإسلام برىء مما يفعله الإرهابيون، لكن حينما يتجرأ أحد ويضع يده على بيت الداء، محاولًا استئصاله، تقطع يده، فبداخل السجون العربية عشرات الأسماء التي لم تذنب في شيء سوى إعلانها مخالفة السياق الفكري الرسمي، وليس أدل على هذا من أننا الآن ونحن نتهم الغرب بالاضطهاد، ونتهم مرضى «الإسلاموفوبيا» بأنهم سبب التعسف الذي يعانى منه المسلمون في الغرب، يمكث الشاعر الفلسطيني أشرف فياض في سجن السعودية، منتظرًا حكم الإعدام، لا لشيء سوى أنه كتب قصيدة.
لا يقابل التطرف إلا التطرف، ومادمنا نغذى التطرف في مناهج تعليمنا، وفي شاشات فضائياتنا، وفى متون ديننا، فيجب ألا نتوقع إلا تطرفًا مضادًا، ولا ينكر عاقل أن الغرب أحد أهم أسباب تخلفنا بسبب رعايته للتعصب المذهبي والطائفي في العالم الإسلامي، سواء في حقبة الاستعمار أو فيما بعدها، لكن لا ينكر عاقل أيضًا أن مصيرنا الآن بأيدينا، وأننا حافظنا على ميراث التخلف والتعصب في مجتمعاتنا، فشدنا هذا التراث إلى مستنقع لا ينضب من الدماء، تمامًا كالذي ربى وحشًا في فناء بيته، فكبر الوحش حتى طرد أهل البيت، مؤسسًا قبيلة من الوحوش.
اليوم السابع
أضيف بتاريخ :2015/11/30