معضلة كتَّاب الرأي!
سالم بن أحمد سحاب ..
في كلِّ صحيفة، مجموعة من كُتَّاب «الرأي». وكلمة الرأي هنا تعني -حتمًا- رأي الكاتب، فكُلٌّ له رأيه، ونادرًا ما يتَّفق اثنان على رأي واحد، مهما تشابهت الطباع، وتقاربت الأنفس، وتماثلت التوجُّهات. وتلكم من معجزات الله في خلقه، تنوُّع الصور والألوان واللغات والأجناس والطباع والأحكام والآراء.
وأعود إلى كُتَّاب الرأي، والذين تختلف حولهم الآراء في بعض بلاد بني يعرب تحديدًا، فهم لا يُحسبون كُتَّاب رأي مستقلين، وإنَّما تُوضع حولهم (هالات) مصطنعة. بعض المسؤولين التنفيذيين يحسبونهم (موجَّهين) من صاحب القرار في الصحيفة، ورقية كانت أو إلكترونيَّة، فإذا خالف خطَّهُ خطَّهُم صبُّوا جامَّ غضبهم على المسؤول الأوَّل في الصحيفة، واعتبروا أن ما كُتب إنَّما هو بسبب موافقته، أو تغاضيه، أو مجاملته، ولذا وجب عليه دفع الثمن رخص أم غلا.
والحقيقة أنَّ المسؤول، أو رئيس التحرير لا يمكنه متابعة كلِّ صغيرة أو كبيرة في صحيفته، خاصَّة إذا كانت يوميَّة تُعنى بكلِّ الشؤون العامَّة من سياسة، واقتصاد، وأدب وثقافة، وصحة، ونقل، وأسرة، وغيرها. ولذا فإلقاء اللوم على الصحيفة بسبب (رأي) يخصّ غيره، قرار قد يجانبه الصواب، وفيه شيء من العنت والمبالغة.
وفي المقابل يمكن تفهّم وجهة نظر الطرف الآخر، حين يميل هواه إلى الصحف الأخرى، التي لا تحمل آراءً لكُتَّاب يمتعض منها بعض المسؤولين التنفيذيين، فالأصل أنَّه:
يهوى الثناءَ مبرزٌ ومقصِّرٌ
حبُّ الثناءِ مِن طبائعِ الإنسانِ
المعضلة عندما يلجأ هذا المسؤول إلى استخدام كلِّ المتاح لديه لمعاقبة الصحيفة بأسرها -إن استطاع إلى ذلك سبيلاً-. ومن تلك الأساليب حجب الأخبار المهمَّة العاجلة عن الصحيفة، ومنحها للصحف الأخرى؛ كي تحظى بسبق الفوز، في حين تتأخَّر عن تلك (المصنَّفة) بأنَّها معادية، أو منتقدة، أو ساخرة، أو حتَّى غائبة عن روح (الوطنيَّة والوطن)!!
وحتَّى القطاع الخاص، أو شبه الخاص، لا يتردَّد في إشهار ذات العقوبة، لكن من اليد الأكثر إيلامًا، فتراه (يقاطع) منح الإعلانات في الصحيفة (المارقة)؛ تأديبًا لها، وردعًا لأمثالها.
متى يدرك هؤلاء أنَّ (الرأي) مجرَّد كلمة لا يليق إلاَّ الردّ عليها بالكلمة، والكلمة فقط.؟!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/17