ماذا ستقول «المؤسسة الوطنية» للجنة مناهضة التعذيب؟
هاني الفردان ..
الحمد لله ليس لدينا ما نخشاه أو نخافه، ولدينا مؤسسة وطنية قادرة على دحض جميع الافتراءات والأكاذيب التي تساق ضد بلدنا ومؤسساتنا.
الحمد لله لدينا مؤسسة ترصد وتراقب كل ما يحدث، ولا تترك شاردة ولا واردة إلا وكان لها فيها كلمة، وموقف واضح، ولها رأي سديد يؤخذ به داخلياً وخارجياً.
بحسب تأكيدات نائب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، عبدالله الدرازي، فإن «المؤسسات الديمقراطية أصبحت توجع المسيئين للبحرين»، وإن المؤسسات الحقوقية في البحرين (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مفوضية حقوق السجناء، الأمانة العامة للتظلمات، وحدة التحقيق الخاصة) بدأت تظهر نتائجها وثمارها، وأصبحت فاعلة ويُشاد بها في مختلف الدول».
نعم نحتاج لمؤسسات حقوقية قوية، لا تتهرب، ولا تختفي، ولا تفتري، وتنقل الحقائق، وتقف على مسافة واحدة بين جميع الأطراف، تحمل على عاتقها مسئولية وطنية حقيقية وحق الإنسان البحريني، وتقول كلمة الحق مهما كانت موجعة ومُرة، وقبل كل شيء تحظى بقبول من الجميع داخلياً وخارجياً، حتى تكون ذات صدقية وفاعلية.
ستلتقي المؤسسة الوطنية خلال الفترة القليلة المقبلة لجنة مناهضة التعذيب بمجلس حقوق الإنسان، - وبحسب الدرازي - لبيان الإنجازات الحقوقية في البحرين، والرد على الادعاءات والأكاذيب المتعلقة بالبحرين.
من أهم ما ستتطرق له المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، هو ادعاءات ومزاعم التعذيب في البحرين، ونتوقع أن يكون ذلك الرد ليس إنشائياً؛ بل مدعوماً بالأرقام والإحصاءات، وخصوصاً تلك التي وثقتها وحدة التحقيق الخاصة طوال السنوات الماضية وبشكل شهري، ورسمي وليس نقلاً عن جهات «مغرضة أو مسيسة».
من أهم الأكاذيب التي يجب على المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التصدي لها وتبيان حقيقتها، هو ما ورد في تقريرها السنوي الأول وهو ما يتناقض مع ما قاله نائبها الدرازي في الحلقة النقاشية التي عقدها مجلس النواب الاثنين (13 مارس/ آذار 2017) من أن «المؤسسات الديمقراطية أصبحت توجع المسيئين للبحرين»، وأن المؤسسات الحقوقية في البحرين (المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مفوضية حقوق السجناء، الأمانة العامة للتظلمات، وحدة التحقيق الخاصة)، فماذا كان رأي المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في تلك «المؤسسات الديمقراطية»؟!
كان رأي المؤسسة الوطنية في وحدة التحقيق الخاصة «أنها في صورتها الحالية لا ترقى إلى الاستقلالية والحياد المنشودين، بما يضمن القيام بتحقيقات فاعلة. ذلك أن إسناد التحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من سائر ضروب سوء المعاملة إلى النيابة العامة، قد لا يتناغم مع كونها جهة تباشر التحقيق مع فرد يجمع بين صفة المتهم بارتكاب أفعال مجرمة قانوناً، وبين صفة المجني عليه كضحية تعرض للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة». (التقرير السنوي للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لعام 2013، صفحة 44، الفقرة 10).
أما بخصوص الأمانة العامة للتظلمات، فقد أكدت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن «أداة التعيين في الأمانة العامة للتظلمات لا تحقق الاستقلالية المطلوبة، لمغبة الوقوع في أي تعارض للمصالح بين الجهة المعنية بحماية الحق في السلامة الجسدية والمعنوية وبين المشكو ضدهم»، بل رأت المؤسسة «ضرورة العمل على اتخاذ الإجراءات التي تضمن الاستقلالية الفاعلة في الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية». (التقرير السنوي للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لعام 2013، صفحة 45، الفقرة 17).
الحق في المحاكمة العادلة، رأت المؤسسة الوطنية في تقريرها أيضاً (صفحة 55، الفقرة 8) أن هذا الحق «مازال عرضة للانتهاك من قبل بعض الجهات المعنية ممثلة في وزارة الداخلية، وهيئة شئون الإعلام، والنيابة العامة من خلال التعرض لتلك الضمانات المقررة دستورياً على نحو يمسّ جوهرها، وذلك بنشر أسماء وصور المتهمين (...)».
في باب الحق في الجنسية، تحدثت المؤسسة عن مجموعة الـ31 الذين أسقطت جنسيتهم بشكل غير قانوني ومخالف للدستور، ورأت وجوب «ألا تؤدي (تلك الإجراءات) لنشوء ظاهرة عديمي الجنسية، وأن لا يتم الإسقاط إلا بموجب حكم قضائي ومنح المسقط عنه الجنسية الحق في التظلم القضائي الفعال جراء ذلك». (صفحة 62).
بخصوص محاكمات المسئولين عن التعذيب، فإن المؤسسة الوطنية في تقريرها، تحدثت بوضوح في الصفحة 44 الفقرة 13 عن ملاحظتها «وجود تباين بين الأحكام الصادرة بحق المتهمين في القضايا الأمنية كالتحريض على العنف أو أعمال الشغب وغيرها، والتي عادة ما تبلغ الأحكام فيها بالسجن مدداً طويلة، وبين الأحكام الصادرة بحق المتهمين في قضايا التعذيب وغيرها من سائر ضروب سوء المعاملة، والتي عادة ما تكون مخففة بما لا يتناسب والجرم المرتكب أو الحكم بالبراءة، إذ إن هذا النهج - عند ثبوته - هو مدعاة للتشجيع على سياسة الإفلات من العقاب».
حق التعبير، وكذلك حق التجمع السلمي، وما شهده من تشريعات تعيق وتعرقل تلك الحقوق، حتى طالبت المؤسسة الوطنية بتعديل القانون والسماح بحق التظاهر في العاصمة (المنامة) كحق من حقوق الإنسان البحريني.
كل ذلك قالته المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في تقرير رسمي لها، منشور على موقعها الإلكتروني، يمكن لأي شخص الوصول له والتأكد منه، فإن كان ذلك صحيحاً وتعتقد به المؤسسة وتؤمن به، ولم تتراجع عنه، فهل تصنف ذلك ضمن الإنجازات الحقوقية في البحرين التي ستبينها للمنظمات الدولية، أم أنها ضمن الافتراءات والأكاذيب التي تساق ضد مؤسسات الدولة والتي ستعمل على تكذيبها؟
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2017/03/18