روح النظام أولاً!
سالم بن أحمد سحاب ..
النظامُ دائمًا جديرٌ بالاحترام والالتزام والتقدير. والمفترض ألاَّ يعلو على الالتزام به أحد. ولأهميَّة (لكن)، التي هي ليست دائمًا من (عمل الشيطان)، وددتُ أنْ أؤكدَ أنَّ النظام إنَّما وُضع للتيسير على الناس، لا للتعسير، أو التضييق عليهم. لا أحسبُ أنَّ مسؤولاً إلاَّ ويودُّ أنْ يكونَ جميعُ المستفيدين من إدارته -التي يرأسها- في أحسن حال، وأنْ ينالهم خير النظام، أو الإجراء دون عنتٍ، ولا مشقَّةٍ، وتلكم هي الروح التي يتكئُ عليها أيُّ نظام: روح التيسير ضمن إطار النظام.
وأولى صور التيسير عدم التأخير، خاصَّةً إذا كان الأمرُ متعلِّقًا بصحة الإنسان، أو بقوَّته وحياته وحياة أسرته اليوميَّة. التأخيرُ في غير ضرورة، هو تعطيلٌ للنظام، ولروح النظام! وعندما يصل إلى المستشفى مريضٌ أصابته جلطة، فإنَّ الأولوية القصوى هي لإنقاذ حياته، لا لاستكمال إجراءات تسجيله الرسميَّة، أو للتأكُّد من قدرته الماليَّة.
وهذه حالة أخرى أضعها بين يدي مَن يعنيه الأمر، لعلَّها وأمثالها تجد حلاًّ يرضي به ربَّه وضميره، ويسعد به قلوبًا تئن، وأعينًا تدمع، وأفواهًا تنتظر. هذه حالة من رسم الواقع، لا من افتراضات الخيال.
هذه عائلةٌ سعوديَّةٌ، كان عائلها جنديًّا، ثمَّ تمَّ إنهاء خدماته؛ بسبب مرضه النفسيّ، وله زوجةٌ وسبعةٌ من الولد ذكورًا وإناثًا، واثنان منهم معاقان. ولفقرهم الشديد كانوا يتلقون مخصَّص الضمان الشهري المعتاد، الذي اعتادت الزوجة صرفه ببطاقة الضمان من مصرف الراجحي، ثمَّ تغيَّرت آليَّةُ الصرف؛ لتكون عبر حساب الزوج، والزوج مريض نفسيّ، لا يكاد يعي الواقع من حوله. المهم سعت الزَّوجة بكلِّ وسيلة حتَّى استوفت الشرط الجديد. لكنَّ شهورًا مضت، وحساب الزوج بلا رصيد على الإطلاق.
مشكلة النظام أنَّه لا يُحسن التمييز بين حالةٍ وأخرى، لكنَّ الذي يُحسن التمييز هو مَن يُدرك ويعي روح النظام، ويفقه الأبعاد الإنسانيَّة التي صُمِّم من أجلها النظام. ومن أهمِّها وأجلِّها وأعظمِها في حالتنا هذه توفيرُ حدِّ الكفاف (بدون تأخير) من متطلبات الحياة، دون أن يضطر المستفيد وأسرته لمدِّ أيدي الاستجداء نحو الآخرين، فيعطوهم، أو يمنعوهم.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/03/18