آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
سعود كاتب
عن الكاتب :
دبلوماسي بدرجة سفير في وزارة الخارجية، نائب رئيس الإدارة الإعلامية II كاتب بصحيفة المدينة

تخصص علمي واحد أم مزيج من التخصصات؟


سعود كاتب ..
يشجع تعليمنا على التخصص ولا يتيح الخروج عنه إلا في حدود ضيقة، وكثيراً ما يشترط تطابق التخصصات في مراحل الدراسة الجامعية المختلفة . هذا التخصص له بالتأكيد مزاياه ومنها اكتساب الشخص للخبرة في مجال محدد، بشكل يزيد من فرصه الوظيفية ويمكنه من الحصول على راتب ومزايا أفضل من سواه في حال كان هناك طلب على ذلك التخصص . فالعدد القليل للمتخصصين المحترفين في علوم الجينوم أو الإعلام الجديد مثلا قد يزيد من فرصهم لإيجاد وظائف ودخل أعلى .

أما عيوب التخصص الواحد فتتمثل في ضعف القدرة على التأقلم مع متغيرات السوق، فالمتخصص في تصميم التطبيقات وخبير التسويق على الفيسبوك مثلاً، قد يجدان أنفسهما دون عمل في حال ظهرت تكنولوجيا جديدة بديلة للتكنولوجيا الحالية .. ناهيك عما يسببه التخصص من ملل وضيق في المعرفة لدى صاحبه .

البروفيسور دانييل جوردون من جامعة UMass Amherst انتقد نظام التخصص في الجامعات الأمريكية واصفاً مخرجاته بالعجز عن مواجهة متطلبات العصر التي يتطلب كثير منها حلولاً متداخلة التخصصات، مضيفاً أن انتشار نظام التخصصات الفرعية في الجامعات أوجد حلاً جزئياً وليس كاملاً للمشكلة كما أنه لم يخرجها من دائرة التخصص الضيق .

في المقابل، نجد أن تعدد التخصصات يجعل صاحبه أكثر أماناً وقدرة على التأقلم مع متغيرات السوق والانتقال من وظيفة إلى أخرى، إضافة إلى تمتعه بأفق أوسع ومعرفة أشمل وقدرة أكبر على ربط المعارف والأحداث للوصول إلى نتائج وقرارات أدق . أما العيوب فتتمثل في احتمالات ضعف التركيز وتشتته بين مجموعة التخصصات المختلفة .

تجربتي الشخصية بهذا الشأن تميل إلى تفضيل تعدد التخصصات وتنوعها والذي سلكته في بداية حياتي بهدف تحقيق الأمان الوظيفي ، ثم لاحقاً لصناعة خط مهني متميز يقوم على تنوع المعارف والتخصصات وتكاملها . فأكاديمياً لا تتطابق أي شهادة من شهاداتي العلمية بالأخرى، فمن بكالوريوس في إدارة الأعمال إلى ماجستير في الكمبيوتر ونظم المعلومات وماجستير آخر في العلاقات الدولية، وأخيراً دكتوراه في الإعلام والاتصال .

هذا التخصصات المختلفة تم ربطها ببرامج تدريب كثيفة منتقاة بعناية جعلت منها مساراً مهنياً واحداً متكاملاً منحني بتوفيق الله مفتاحاً للأبواب المختلفة التي عملت بها بدءاً من القطاع الخاص ثم الأكاديمي فالحكومي بشقيه الإعلامي والدبلوماسي .

خلاصة القول، إن دفع الطلاب للالتحاق بتخصص محدد أو تخصصات متقاربة – رغم الحاجة إليه في بعض المجالات – يعني حكماً مؤبداً عليهم بالعيش في مساحة ضيقة تشعرهم بالرتابة والملل ومحدودية المعارف وضعف القدرة على مواجهة متغيرات السوق والاقتصاد والعجز عن التعامل مع القضايا متعددة الجوانب، والأفضل منحهم مزيداً من الحرية والمرونة في تنويع التخصصات طالما أنها تخدم أهدافهم المستقبلية .
 
صحيفة المدينة

أضيف بتاريخ :2017/03/22

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد