الحياد في قياس الرضا
إبراهيم محمد باداود ..
قبل حوالى عام، وافق مجلسُ الوزراء على التنظيم الخاص بالمركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكوميَّة، والذي من المتوقَّع أن يساهم في تغيير الصورة النمطيَّة لأداء الأجهزة الحكوميَّة، والخدمة المقدَّمة من قِبل تلك الأجهزة، والتي يُشاع عنها أنَّها تتَّسم بالبيروقراطيَّة والرتابة، وقد أعطي المركز صلاحيَّات واسعة لمتابعة أداء الأجهزة العامَّة، ونشر البيانات، ونتائج قياس الأداء لدعم جهود التطوير الإداري، وتحسين الخدمات، كما سيسهم المركز في تعزيز الشفافيَّة في القطاع العام، وقياس جودة الخدمة للمستفيدين، ومدى رضاهم، وذلك يأتي في إطار رؤية السعوديَّة 2030م.
الفقرة الثانية من المادة الرابعة من هذا التنظيم تنص على أنَّ المركز يتولَّى مهام (دعم عمليَّات تحسين الخدمات الحكوميَّة وتطويرها من خلال قياس جودة الخدمات ورضا المستفيدين)؛ ممَّا يؤكِّد أنَّ هذا المركز سيكون هو الجهة الرسميَّة، والتي تبيّن ليس فقط قياس جودة الخدمة، بل وأيضًا درجة رضا المستفيدين من تلك الخدمات، مع التأكيد بأنَّ هذا الجهاز الهام ليس الهدف منه أن يتصيَّد أخطاء الأجهزة الحكوميَّة، بل الهدف هو مساعدة تلك الأجهزة في تحقيق أهدافها، وأن يكون أداة علميَّة وعمليَّة تعمل على تحقيق الآمال والطموحات، كما تعمل لأن تكون أداة إرشاد وتوجيه تبيّن وضوح مسار تلك الجهة التي تمَّ وضعه لها.
أول أمس نشرت صحيفة (المدينة) خبرًا عن تدشين إحدى الجهات الحكوميَّة أجهزة استطلاع رأي لقياس رضا المستفيدين من الخدمات التي تقدِّمها تلك الجهة، وقد أشار الخبر بأنَّ هذه الخطوة من قبل تلك الجهة تأتي انطلاقًا من رؤية السعوديَّة 2030، وتوجيهات الحكومة الرشيدة بتوفير أرقى الخدمات، وهذه الخطوة في اعتقادي أنَّها خطوة مكرَّرة لما يقوم به المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة الحكوميَّة، كما أنها خطوة لا تتوافق مع أهداف المركز بشأن تعزيز الشفافيَّة.
أي جهة تسعى لقياس الرضا عن الخدمات التي تقدمها وتأمل في أن تحصل على تقارير عمليَّة وواقعيَّة تساعدها فعلاً في تطوير أدائها، فيجب أن يتم ذلك القياس من خلال جهة مستقلَّة ومحايدة ومتخصِّصة ونزيهة، بدلاً من أن تقوم بها نفس الجهة، أو أن تتم من خلال طريقة إلكترونيَّة تعتمد على عدد الذين يقومون بالتصويت الإلكتروني أو غيرها من الطرق التي قد لا تتوخى الدقة في نتائجها.
بعض الجهات تقنع نفسها ببعض نتائج قياس الرضا عن خدماتها، ولكن الواقع في نهاية المطاف هو من يقتنع أو لا يقتنع بتلك الأرقام مهما كانت طبيعتها.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/10