بنك العصاميين
سعيد محمد بن زقر ..
يمكن تشبيه التدفقات النقدية داخل الدورة الاقتصادية بجريان الدم داخل شريان جسم الإنسان من حيث تغذية أعضاء الجسم كبيرها وصغيرها ودفعها للحركة فضلاً عن قيامها بدورها الوظيفي، وبدون ضخ دم وبسرعة متوازنة تصبح الخلايا والأوعية الدموية غير متناغمة مع سائر أجزاء الجسم سواء في القيام والقعود والحركة والحيوية وعافية الجسم، وهو ما ينعكس خللاً في الأداء مما يؤثر سلباً في سائر الجسم ،لا عجب إن سهرت أعضاؤه بالحمى. كما نعرف فإن الدورة الدموية في الجسم آلية مدهشة لتبادل ثاني أكسيد الكربون وضخ الأكسجين فيه وهضم الغذاء وتوزيعه بين الأعضاء وهذا التكامل في الأدوار بين الأوردة والشرايين ، يتأثر بأي انسداد في أي وريد أو شريان وإن لم يعالج سيدخل الجسد في أزمة وأعراض مرضية واضطراب بالصحة العامة. وما ينطبق على الجسم ينسحب على الدورة الاقتصادية إذ متى حدث تراجع في سرعة دوران سيولة الريال لأي سبب كان أولتباطؤ، فإن الطلب الكلي سيقل ويتراجع البيع ويتأثر الشراء وتحدث أزمة اقتصادية سببها غياب كمية كافية من الريال لأنه حتى لو توفر الطلب ورغب طرفاه بإبرام اتفاق فإن عدم توفر الريال في الدورة الاقتصادية سيجعل من تجسيد أي رغبة، عملية أشبه بالمستحيل.
هذا التشابه بين الدورة الدموية والدورة الاقتصادية يوضح أهمية دور الحكومة المركزية في العملية الاقتصادية. بافتراض أنها تحتكر إصدار العملة الوطنية ، التي بمثابة القلب وفي أهميته لأعضاء الجسم والحال كذلك لابد أن تتابع الحكومة وتتأكد من توفر كتلة الريال داخل الدورة الاقتصادية وقد لا يكفي أن يكون متوفراً فحسب ولكن تقتضي الضرورة متابعة معدلات تسارعه بما يواكب أوضاع الاقتصاد صعوداً وهبوطاً . وبدون هذه المتابعة اللصيقة فإن أعراضاً وأمراضاً اقتصادية ستظهر على الجسم وأخطرها البطالة.
وحين تظهر الأمراض في الاقتصاد فإن المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي يمتلكها العصاميون أو يبتدرها مبادرون ستكون أول ضحايا المرض وأول من يتأثر بتراجع ضخ السيولة في الاقتصاد لأنها بطبيعتها هشة التكوين وتحتاج للتمويل وبدونه تصبح سريعة العطب. مما يستلزم إنشاء بنك للتمويل الأصغر أو بنك للعصاميين حتى يسهم في الحد من آثار النقص في تدفق السيولة في شرايين الاقتصاد. لأن الرهان عليها في النمو وفي الحد من البطالة كبير، وهو رهان صحيح لأنه على الحصان الرابح.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/10