تعسف الشركات تجاه الكوادر الوطنية
محمود إبراهيم الدوعان ..
ظهر في الآونة الأخيرة، تسريح أعدادٍ كبيرةٍ من السعوديين العاملين في العديد من الشركات، بنظام العقود السنويَّة، والزجّ بهم إلى المجهول، مع حرص تلك الشركات على بقاء الكوادر الأجنبيَّة التي تزخر بها وبأعدادٍ كبيرةٍ، رغم أنَّها ما زالت تعمل بعقودٍ حكوميَّةٍ أو جهاتٍ رسميَّةٍ يعمل تحت مظلَّتها العديدُ من الشركات ذات التمويل الحكوميِّ، ولا نستثني من ذلك بعض الشركات، والمؤسَّسات الخاصَّة التي يديرها كبارُ التجَّار، الذين حقَّقوا مئات المليارات من خيرات هذا البلد، ومن ثمَّ تنكَّروا له في استيعاب أبنائه في هذه الظروف الصعبة، التي تستدعي الوقوف بكلِّ شجاعةٍ لاستيعاب جزءٍ من أبنائها؛ ردًّا للجميل لهذه البلاد المعطاء.
أكثر من (800.000) عاطل سعودي عن العمل -حسب الإحصاءات الرسميَّة- في دولةٍ ثُلث سكِّانها من العمالة الوافدة، حوالى (11 مليون وافد)، أضف إليهم حوالى (4 ملايين نسمة) من العمالة مجهولة الهويَّة القادمة للمملكة بطرق غير مشروعة، وبذلك يصبح لدينا حوالى (15 مليون وافد)، قدموا من أجل تحسين أوضاعهم المعيشيَّة، والكسب الحلال، رغم ما نعانيه من شحٍّ في الوظائف، ورغم ذلك رحَّبت هذه البلاد الكريمة بالجميع دون مَنٍّ، أو تذمُّرٍ، ولكن ليس على حساب مواطنينا.
إن وضع المفصولين من هذه الشركات سيئ للغاية، قرارات تعسفيَّة تُتَّخذ ضدَّهم، وفصل غير مدعم بمبرِّرات قويَّة يُقذف بهم إلى المجهول، معظم هؤلاء الشباب عليهم التزامات، وأقساط، ونفقات أسريَّة واجتماعيَّة كبيرة، وهذا الوضع يُقلقهم إلى حدٍّ كبيرٍ، ويُدخلهم وأسرهم وأولادهم في دوَّامات لا يعلمها إلاَّ الله.
لا نعلم، ما دور وزارة العمل في هذا الشأن؟ وكيف يلحق هذا الضرر الكبير بأبناء هذا البلد الكريم دون أن تتدخل الوزارة لحماية مواطنيها، وتضع حدًّا لهذه التجاوزات القاسية من قبل هذه الشركات والمؤسَّسات التي ألحقت العناء الكبير بشبابنا، الذين ما زالوا يعانون منها نفسيًّا، وماديًّا، واجتماعيًّا.
بلادنا بخير، وما زالت عقود التشغيل لكثير من المشروعات تنعم بها هذه الشركات، سواء كانت سعوديَّة أم أجنبيَّة، ونحن نقول من باب الإنصاف أن يوظف الشباب السعودي في هذه الشركات من ضمن كوادرها البشريَّة، إذ هو واجب أدبي ووطني، وأن يعطى الموظف السعودي حقوقه كاملة غير منقوصة، وأن يُعامل معاملة الأجنبي، بل أفضل إن كان يستحق ذلك، وأن يُعمل له تقييم سنوي بمؤشِّرات أداء حسب جديَّته في العمل، ومن يثبت عنه خلاف ذلك يمكن الاستغناء عنه بموافقة وزارة العمل، مع حفظ حقوقه بطريقة عادلة بعيدًا عن التعسف.
لذا لابدَّ أن تتدخل الجهات الرسميَّة للحدِّ من تصرُّف هذه الشركات في إنهاء خدمات موظَّفيها من السعوديين، خاصَّةً الشركات التي اكتسبت خيراتها وملياراتها من أرض هذا الوطن، وتنكَّرت لأبنائه، بعد أن حققت مبتغاها، وما زالت تجني الكثير. وسؤالنا المشروع هنا: هل هناك اعتداء أكثر من قطع الأرزاق؟
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/04/14