الرُّدود الغربيّة على الإرهاب
العمليات الإرهابية في العواصم الغربية بدأت تُحرِّك السياسة باتجاهات مختلفة. ففي فرنسا أظهرت نتائج الدور الأول من الانتخابات المحلية التي شهدتها يوم الأحد أن الجبهة الوطنية المتطرّفة (المعادية للمسلمين والأجانب) أصبحت القوة السياسية الأولى في فرنسا. الفوز الكبير الذي حققه اليمين المُتطرّف بزعامة مارين لوبان يُمثل صدمة كارثيّة على الطبقة السياسية الفرنسية، وتأتي كردَّة فعل للأوضاع الاقتصادية الصعبة وتَعقُّد الأوضاع بعد الهجمات الإرهابية.
أمّا في بريطانيا، فقد أثار طعن رجل في قطار الأنفاق بلندن في اعتداء وصفته الشرطة بأنه هجوم إرهابي ردّاً متحدّياً من أحد المارة الذي أصاب وتراً حسّاساً في بريطانيا بقوله للمهاجم «لستَ مُسلماً يا أخي»، وذلك ردّاً على المهاجم الذي صرخ «هذا من أجل سورية» بينما كان يهاجم رجلاً يبلغ من العمر 56 عاماً وهدّد آخرين قبل أن تعتقله الشرطة باستخدام صاعق كهربائي. وانتشر «هاشتاج» «You ain›t no Muslim, bruv» على تويتر لإنكار أن يكون لمثل هذا الهجوم أي علاقة بالإسلام، كما اقتبس عددٌ من مستخدمي تويتر آيات قرآنية لتفنيد الإسلاميين المتشددين الذين يستخدمون الإسلام لتبرير هجماتهم على المدنيين العُزَّل وتجنيد الأتباع في الغرب والشرق الأوسط.
أمّا الرئيس الأميركي باراك أوباما فقد وَجَّه خطاباً من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض وهو واقف برباطة جأش (كتعبير عن الغضب)، وقال إن بلاده ستقضي على التنظيمات الإرهابية دون أن تخوض حرباً برّية في العراق أو سورية، وأكد في خطابه النادر (الثالث من نوعه منذ أن أصبح رئيساً) أن «تنظيم الدولة الإسلامية لا يتحدّث باسم الإسلام»، وحَثَّ المسلمين في الولايات المتحدة والعالم على التصدّي «للفكر المُتطرِّف»، مؤكداً أن المعركة ليست مع الإسلام بل مع «جُزءٍ لا يُذكَر من أصل أكثر من مليار مسلم حول العالم، بمن فيهم ملايين المسلمين الأميركيين الوطنيين الذين يرفضون أيديولوجية الكراهية التي يتبعها هؤلاء».
صحفٌ غربيّة، من بينها «ديلي ميل» البريطانية، نشرت ما قاله أوباما بصورة ناقدة أو ساخرة، فهناك من يرى أن ما يحدث يؤكد وُجهات نظر اليمين المُتطرِّف والإرهابيين في آنٍ واحد، من أن المعركة بين حضارات وثقافات لا تحتمل المهادنة.
نعتقد بأنّ المعركة في واقعها ليست بين حضارات؛ فالإرهاب الذي يعبث بالغرب يعبث أيضاً في الشرق وفي كلِّ مكان، وهذا الإرهاب ترعرع مع الفراغ السياسي ومع الفوضى من أجل أهداف سياسية بحتة، ويتمُّ تسميمُ الشباب بأفكار تُقدِّسُ التوحُّش، وذلك لتوجيه طاقات الشباب في معركة ليست لها علاقة بأيّة حرب بين أديان أو مذاهب أو حضارات.
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية
أضيف بتاريخ :2015/12/08