مضارب بني ليبرال!
عبدالله المزهر
و»بنو ليبرال» هؤلاء قوم لا وجود لهم في «واقعنا»، ولكن مسماهم يعتبر شتيمة غزت ألسنة الشتّامين في ها العصر، فيقول المرء لأحدهم أو لإحداهن يا ليبرالي ويا ليبرالية حين يجد في نفسه الرغبة في شتمه، وفي الغالب الأعم فإن هذا الشاتم لا يعرف الفرق بين الليبرالية وقانون التسلل في كرة القدم، ولكنها شتيمة سارت على ألسنة الناس فرددها مثلهم!وقد تجلس في مجلس تغتاب أحدهم وتقول عنه ـ على سبيل المثال ـ إنه مدمن مخدرات ومفرّط في واجباته الدينية والدنيوية والجالس بجانبك يستمع مستمتعا وهو يردد دعوات له بالهداية وعبارات مفادها أنه سيعقل يوما ما، ثم حين تزيد على غيبتك جملة واحدة وهي «والظاهر أنه ليبرالي» فمن المتوقع أن الجالس بجانبك سينتفض ثم تتسع حدقتاه استغرابا ويسألك السؤال الاستنكاري الشهير: لا يا شيخ؟! ثم يلحق السؤال ببضع دعوات بعدم التوفيق وعبارات تتعلق بالهلاك والويل والثبور وعظائم الأمور!وقد توسع المتأخرون في استخدام هذه الشتيمة فأصبحت تطلق على كل مخالف لفئة من الناس، يكفي أن تقول لأحدهم إنك لا تتفق معه في رأي ما وستوصف بأنك ليبرالي قبل أن يرتد إليك صدى صوتك.
ثم تعدى الأمر مسألة الشتم إلى مسألة التصنيف، فأنت حين تكون ليبراليا في نظرهم فإن هذا يعني أن مشاهدتك تصلي ـ على سبيل المثال ـ ربما تعني أنك تبحث عن ثغرات في الصلاة تسربها لأعداء الأمة الذين ينتظرون تقريرك عن الصلاة في مقر سفارة أعداء الأمة في الحي الدبلوماسي!وعلى أي حال.. فإن الليبرالية ـ والعياذ بالله ـ ما زالت أخف وطأة من غيرها، ويبدو أنها لهذا السبب بدأت تتراجع في سوق التصنيف لصالح كلمة أخرى وهي الإلحاد، و»بني لحدون» فيما يبدو من إرهاصات هي الصفة القادمة لكل من يقول رأيا مختلفا لمن يعتقدون أنهم حراس بوابة الدين الذين يمنعون الناس من الدخول إليه!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2015/12/09