متى نلتفت إلى جوهر التعليم؟ المعلّم
عبدالرحمن سلطان السلطان
تتكون منظومة التعليم من ثلاثة أضلاع رئيسية، هي: المعلم والتلميذ والمنهج، وهناك البيئة الملائمة التي توفرها الجهة الإشرافية، لكن وعلى الرغم من الاستثمار المالي المتواصل في البنية الأساسية لبرامج التعليم العام؛ إلا أننا لا نزال نعتقد أن مُخرجَ المسيرة التعليمية دون المستوى المأمول، ولا يتوافق مع التقدم الذي نعيشه اليوم.
جوهر التعليم أيها الأعزاء هو المعلم، لأنه وحده القادر على تحويل جميع الخطط والأفكار الطموحة إلى واقعٍ حقيقي، القادر على إحداث فرق معتبر في حياة طالب، القادر على تحقيق النتائج التربوية المرجوة، و-أيضاً- القادر على توريث الخبرات وصقل المهارات، لكن أين موقع المعلم من اهتمام وزارة التربية والتعليم؟
مشروعات ضخمة لبناء مدراس جديدة، وأخرى للنقل المدرسي، وثالثة لتحويل المناهج من ورقية إلى إلكترونية، بينما مشروعات تطوير كادر المعلمين متوقفه أو متراجعة إلى الخلف، أما مبادرة التدريب خارج المملكة والتي أعلن عنها قبل سنوات فتبخرت ولا أحد يعرف عنها شيئاً، ناهيك عن قصة التأمين الصحي الاختياري التي لم يستفد منها إلا نزرٌ قليل من المعلمين. وأضحى اليوم كل تعامل الوزارة مع خطها الأول هو التعاميم المتلاحقة، وهوس تطبيق بصمة الحضور -وهو إن كان مطلباً مشروعاً لمتابعة الحضور-؛ إلا أن الأولى التركيز على جودة التعليم، واستمرار التدريب والتطوير المستمر لهذا المعلم.
لقد كان توطين المعلمين والمعلمات إحدى أهم قصص نجاحات الوزارة، التي استطاعت خلال عقود قليلة الاعتماد على أبناء الوطن في تربية وتعليم مواطنيهم، ولكن يبدو أن الوزارة توقفت عند هذا النجاح، وليس لديها الرغبة بتطوير المعلم وتحفيزه.
أعتقد أننا اليوم بحاجة لوجود إدارة ما في الوزارة لتهتم بشؤون المعلمين، سواء من كان على رأس العمل أو تقاعد، تركز جهودها مع إدارات الوزارة الأخرى على تطوير وتعميق دور المعلم، وتهيئة البيئة الوظيفية والخدمات المساندة لمساعدته على تحقيق ما نأمل منه، ولتكون -أيضاً- صوت المعلمين في أي قرارات مستقبلية تمس سلمهم الوظيفي أو حقوقهم.
لا أكون مبالغاً إن قلت إن المعلم هو جوهر العلمية التعليمية برمتها، فهو من يبحر بتلميذه وسط أمواج المناهج الدراسية، وهو من يصقل مهارات الفهم والإدراك والبحث، وهو من يغرس بذرة الثقة في النفس، وهو من يشجع طلابه على إبراز مواهبهم وإبداعاتهم، وكم من مبدع لم يكن مشجعه الأول -وقد يكون الوحيد- سوى معلمه.
لا أطلب الكثير، فقط مزيداً من الاهتمام بالمعلم، وحتماً سوف نلمس جميعاً الفرق في أبنائنا وبناتنا.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/04/23