الثور
عبدالله المزهر
يوم أمس هو اليوم الذي انتظره السواد الأعظم من البشر المواطنين منذ شهر مضى، وأعني يوم راتب الثور. والراتب زائر خفيف الظل ويطبق حرفيا مقولة «حيا الله من زار وخفف»، يأتي كطيف حبيب، ثم يجري إلى مستقر له في حسابات آخرين، وهذا فراق مؤلم إلا أن الفراق هو مهمة الراتب الأساسية، فليست فكرته أن يكنزه الناس، بل أن يدفعوه كأقساط وفواتير ومآرب أخرى تعين على الحياة. فحضوره مبهج ورحيله مفيد.
وبمناسبة الثور وراتبه الذي فر من الحظيرة فقد شاهدت فيلما اسمه In Time، وهو فيلم سخيف في كل شيء ما عدا فكرته الرائعة المحرضة على التأمل والتفكير. وفكرته أن الناس في زمن ما لا يشيخون أبدا، ويستخدمون الوقت بدلا عن النقود، فأنت تعمل مقابل وقت يضاف إلى عمرك، وتدفع مصاريفك بأوقات من عمرك. والأثرياء في الفيلم هم الذين لديهم «ملايين السنوات» التي جمعوها من أعمار الكادحين الذين دفعوها مقابل القدرة على مواجهة «وجع الحياة».
تماما كما يحدث الآن والناس يستخدمون النقود.
وبعيدا عن الأفلام والسينما ـ والعياذ بالله ـ فإن فكرة دفع الرواتب حسب الأبراج لا تزال وستبقى فكرة غريبة وغير مفهومة ـ بالنسبة لي على الأقل ـ فنحن الشعب الوحيد في العالم الذي يتعامل مع ثلاثة تقاويم، فنستخدم الأشهر الهجرية كتقويم رسمي، إضافة إلى أنه التقويم الذي يعتمد عليه في ركنين من أركان الإسلام. ونستخدم التاريخ الميلادي في الشركات وفي دفع الفواتير وفي «الرؤية» وفي التعامل مع أمم الأرض الأخرى، ونستخدم التقويم الهجري الشمسي للميزانية العامة والرواتب، وربما نستخدم لاحقا تقويم شعب المايا في دفع الضرائب والرسوم.
وأظن أن الاكتفاء بالتقويمين الهجري والميلادي هو الخطوة التي لا بد أن تحدث، بدلا من الاعتماد على نظرية «أين أذنك يا جحا» التي كانت السبب في اللجوء إلى الأبراج.
وعلى أي حال..
حين تسمعون أحاديث عن الميزانية فإني أظنكم لا تعلمون ـ مثلي ـ هل الحديث عن ميزانية 2017 أم 1438 أم 1396. وأظن ظنا أخيرا أنه ليس من المهم أن تسمعوا عن الميزانية من الأساس.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/04/26