الكاسبُ الخاسرُ في الحربِ الكوريَّة !
حسن ناصر الظاهري
القلقُ الذي تُفرزه الحربُ الباردةُ بين كلٍّ من الولايات المتَّحدة، وكوريا الشماليَّة، نتاجٌ طبيعيٌّ لنزاع بين خصمين عنيدين، يملك كلٌّ منهما سلاحًا نوويًّا يهدد العالم بأسره، فيما لو استخدم، وستكون نتائج ذلك نهاية محزنة، وفي الوقت الذي لا تشعر فيه بعض الشعوب بالخطر تجاهلاً، إلاَّ أن شعوب كلٍّ من اليابان وكوريا وتايلند والصين يبحثون من الآن عن ملاذٍ آمن يقيهم مخاطر القنابل النوويَّة، تكون معدَّة خصيصًا لمثل هذه الحالات، تُوفِّر لهم العُزلة الكاملة عن العالم الخارجي.
فقد أثبتت دراسة تمَّ تقديمها للأمم المتحدة، أنَّ الأثر البيئي لهذه الانفجارات لن ينحصر في أراضي الدول النوويَّة المتحاربة، بل سيمتد إلى طبقة الأوزون، وحينئذٍ يشهد العالم اضطرابات مناخيَّة، نتيجة انتشار الغبار النووي في الفضاء، مع الإشارة بصفةٍ خاصَّةٍ إلى مرحلة برودة الجو التي تعقب التفجير النووي، وما يتمخض عنه من انتكاسات بيولوجيَّة نتيجة انخفاض درجة الحرارة فيما بين 5 و20 درجة مئوية أقل من المعدل وفقًا للدراسات العلميَّة.
المتفائلون يستبعدون قيام حرب بين الولايات المتَّحدة، وكوريا الشماليَّة؛ لأسباب قد تبدو منطقيَّة عند قراءتها، لكنَّ مظاهرَ التعبئة والإعداد، ووجود الأساطيل، ونصب الصواريخ تؤكِّد غيرَ ذلك، فالسفارةُ الأمريكيَّةُ في كوريا الجنوبيَّة أعلنت بأنَّ مدير وكالة الاستخبارات المركزيَّة (سي آي إيه) «مايك بومبيو» موجود في «سيول»، ويعقد اجتماعات داخليَّة، والنظام الدفاعي الصاروخي الذي ينشره الجيش الأمريكي قد تمَّ الانتهاء من تنصيبه، وأصبح جاهزًا للتصدِّي لصواريخ كوريا، وتدميرها عند مغادرتها الغلاف الجوي، وفي حال دخولها فيه في آخر تحليق لها، والتنسيق بين الرئيس ترامب وحلفائه الآسيويين يجري بشكل يومي، إضافة إلى أنَّ الرئيس الأمريكي يُفضِّل أن يُطبِّق سياسة الرئيس الأمريكي الأسبق «بوش»، التي تعتمد على الضربات الوقائيَّة بدلاً من سياسة الاحتواء، والتحوُّل من الردِّ على هجومٍ فعليٍّ إلى المبادرة بالهجوم؛ لمنع هجوم محتمل، كما أن التصريح الذي أطلقه المتحدِّث الرسميُّ للبيت الأبيض الذي قال فيه: «أعتقدُ أنَّه عندما ترون حاملة طائرات تبحرُ مع مجموعتها نحو منطقة مماثلة، فإنَّ وجودها يُشكِّل بوضوح رادعًا ضخمًا»، يدلُّ على أنَّ قوات الولايات المتحدة لم تذهب هناك من أجل النزهة.
وفي خضم هذه التداعيات الخطيرة، فإنَّ موقف الحليف الروسيّ لكوريا والمعلن، لا يشترط على «بيونغ يانغ» التخلِّي عن برنامجها النووي لبدء الحوار معها، بل بالبدء بالمفاوضات للوصول إلى حلول وسطيَّة، ثم التوصل إلى اتفاق فيما بعد، مبني على أن السلاح النووي في دولة غير نوويَّة يُشكِّل تهديدًا للعالم أجمع، ومعروف أنَّ روسيا إلى جانب الصين سبق لهما أن عارضا في مجلس الأمن إمكانيَّة توجيه ضربات استباقيَّة لكوريا الشماليَّة، إثر التصعيد النووي، كما قاما بالتحفظ على قرار صدر بفرض مجموعة عقوبات على كوريا، من بينها تفتيش الحمولات المتَّجهة من وإلى كوريا، كما هو دأبهما، فلقد تعودنا على أنهما يسارعان دومًا إلى منع إصدار أي قرار يؤثر على مصالحهما أو مصالح حلفائهما.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/05/05