أين الضمير العالمي من الأسرى الفلسطينيين؟
أحمد الحناكي
ما يزال أكثر من 1600 أسير فلسطيني من الفصائل الوطنية والإسلامية كافة يخوضون إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ الـ17 من نيسان (أبريل) الماضي، وقد أعلن الأسير القائد «مروان البرغوثي» جملة من المطالب الإنسانية قبيل بدء الإضراب ولا زالت إدارة السجون ترفض تلبيتها، والتي كان أبرزها: إنهاء سياسة العزل الانفرادي والاعتقال الإداري والإهمال الطبي، ووقف الإجراءات المهينة والمذلة بحق الأسرى والأسيرات، وتحسين شروط الزيارات العائلية وضمان التواصل الإنساني المستمر، وإدخال الكتب والصحف والملابس، وتوفير العلاج المناسب والأدوية اللازمة للأسرى المرضى، وتأمين معاملة إنسانية للأسرى أثناء تنقلاتهم، وإعادة السماح للأسرى بتقديم الثانوية العامة (التوجيهي) والالتحاق بالجامعة العبرية المفتوحة.
وقال مُعد التقرير رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة شؤون الأسرى والمحررين عضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤونها في قطاع غزة عبدالناصر فروانة: «إن قيادة الأسرى ومنذ أواخر ستينات القرن الماضي عززت لدى كل أسير قناعة راسخة بأنه لم يعد لديه ما يخسره، في ظل القمع المتواصل والإجراءات التعسفية التي تستهدف مكانته وهويته وكرامته، وأنه لا بد من مواجهة إدارة السجون، وهذا هو ما دفع بالأسرى إلى تنظيم أنفسهم والقيام بالعديد من الاحتجاجات الجماعية».
وفي ختام التقرير، أكد فروانة على أن الإضرابات المفتوحة عن الطعام هي ثقافة متجذرة لدى الحركة الأسيرة منذ بدايات الاحتلال، وهي شكل من أشكال المقاومة السلمية المشروعة التي أجاز القانون الدولي للأسرى اللجوء إليها للمطالبة بحقوقهم، بعد فشل الخيارات الأخرى.
واستطرد قائلاً: «لقد لجأ الأسرى إلى الخيارات الممكنة والمشروعة كافة، ومن بينها (الإضراب عن الطعام)، بأنواعه المختلفة (الاحتجاجية، والتكتيكية، الإستراتيجية أو المفتوحة) والتي تُعتبر الأقسى والأكثر ألماً، والتي يلجأ إليها الأسرى بعد فشل الخيارات الأخرى». التقرير أعلاه مؤلم ومخجل وكارثي، والسكوت عن ما يجري لأشقائنا في العروبة والإنسانية لطخة لن تنساها الشعوب العربية، وستظل الأجيال اليوم وغداً وبعد غدٍ تتحدث عن الخذلان الذي واجه هؤلاء الإبطال.
لم يكفِ النازيون الجدد أن احتلوا فلسطين العروبة وعبثوا بكيان ومستقبل شعب بأكمله، بل إنهم يمارسون شتى أنواع الاضطهاد والعنصرية والتفرقة والعنف والتفجير والاغتيال ضد كل من يحتج على هؤلاء الطغاة.
مجلس الجامعة العربية تحرك أخيراً مطالباً الأمم المتحدة بإرسال فريق تحقيق من قبلها لتفقد السجون في فلسطين المحتلة، ولا أفهم لمَ انتظرت الجامعة طوال ذلك الوقت لترسل هذا الاحتجاج الخجول؟ الأمم المتحدة - للأسف الشديد - لا حول لها ولا طول، إذا كانت الدول الكبرى حجر عثرة في سبيل أن تكون مستقلة بقراراتها، فمع الفيتو لا يمكن أن يمر قرار ويتفق عليه الكل، وبالذات المتناحران سياسياً.
ربما نحن معاشر الكتّاب ننفخ في «قربة مشقوقة»، ولكن من يعلم فقد تلتحم القربة يوماً، والساكت عن الحق «شيطان أخرس»، ويا حبذا لو كان هناك وثيقة موحدة يتم التوقيع عليها من كل أحرار العالم، ويتم نشرها في الصحف العالمية لمن له تواصل معهم، لشرح معاناة ضحايا العدو المحتل من الأسرى.
للأسف، يجب أن نعترف بحقيقة مهمة جداً، هي: أن القضية الأولى لدينا تكاد أن تنسى في خضم انغماسنا في تطاحن فيما بيننا، بينما قوى الاحتلال «تفغر فاهها» ضاحكة على شعوب تستأسد على بعضها، تاركة الجزار يسرح ويمرح على مسرح الحياة. قلوبنا مع الأسرى وعائلاتهم، لكنها - ويا للأسى - لا تكفي.
صحيفة الحياة
أضيف بتاريخ :2017/05/07