أحرجتمونا في المجالس يا «بتوع» المدارس!!
أحمد عبدالرحمن العرفج
المَدَارِس أَمَاكن فَسيحَة لتَلقِّي العِلْم والمَعرِفَة، أَو هَكذا يُفتَرَض، وإذَا لَم تَقُم بهَذه المَسؤوليَّة؛ فيَجب تَعديلها أَو إعَادة النَّظَر فِيهَا.. وحَتَّى نَستَكمل الرُّؤيَة فِي هَذه القَضيَّة، دَعونَا نَستَعرض بَعض الشَّواهِد:
يَقول المُمثِّل السَّاخِر الكَبير «سعيد صالح» -يَرحمه الله- سَاخِراً مِن مُخرجَات التَّعليم: (آه مِنكم يَا مُتعلِّمين يَا بتُوع المَدَارس).. قَالهَا فِي سِيَاق السُّخريَة والتَّهكُّم والازدرَاء..!
أمَّا فِي كِتَاب: «كَيف تَكسب الأَصدقَاء»، للسيَّد «ديل كارنيجي»، فقَد ذَكَر قصَّة لرَجُلٍ مُتقدِّم فِي العُمر، تَخرَّج مِن جَامعة هَارفَارد، ثُمَّ التَحَق بدَورة فَنّ العَلَاقَات الإنسَانيَّة، التي يُنظِّمها مَعهد «كارنيجي»، كَتَب عَن هَذا الرَّجُل يَقول: (هَذا رَجُل مُتقدِّم فِي السِّنِّ، خَرِّيج جَامعة هَارفَارد، غَني، صَاحب أَحَد مَصَانع السِّجَاد الكُبرَى، يَقول: إنَّه عَرف خِلال أَربَعة عَشر أُسبوعًا فِي هَذه الدَّورَة، عَن ذَلك الفَنّ الرَّفيع، فَنّ التَّأثير عَلى النَّاس، أَكثَر مِمَّا تَعلّمه عَن نَفس المَوضوع، خِلال الأَربع سَنوَات التي قَضَاهَا فِي الجَامِعَة. هَرَاء؟، أَمر مُثير للضّحك؟، شَيء غَريب؟، لَكَ الحَق فِي أَنْ تَصِف هَذه الجُملَة بِمَا شِئت مِن الصِّفَات، فأَنَا أَحكِي -دُون تَعليق منِّي- مَا أَعلنَه ذَلك الشَّخص المُحَافِظ، الذي تَخرَّج بنَجَاحٍ بَاهر مِن جَامعة هَارفَارد، وذَلك فِي خِطَابٍ عَام، أَلقَاه أَمَام مَا يَقرُب مِن سُتمَائة شَخص، فِي نَادي «بيل» فِي نيُويُورك، مَسَاء الخَميس 23 فبرَاير 1933)..!
بَعد هَذا، دَعونَا نَطرح السُّؤال الأَهَم وهو: هَل تَعليمنَا يُخرِّج أُنَاساً، يَتعَاملون مَع الحيَاة بنَجاحٍ وجَدَارَة فِي كُلِّ جَوانبها؟، بمَعنَى آخَر: هَل «بتُوع المَدارس» تَنطَبق عَليهم مَقولة الدّكتور «جولدج هيبن»، الرَّئيس الأَسبَق لجَامعة «برينستن»، حِين قَال: (التَّعليم هو القُدرَة عَلى مُواجَهَة مَواقِف الحيَاة)..؟!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نُؤكِّد عَلى ضَرورة أَنْ تَكون المَنَاهِج مُلبِّية لاحتيَاجَات النَّاس، ومُتطلّبات الحيَاة، لأنَّ العِلم الذي لَا يُنتفع مِنه - حَتَّى لَو كَان جَيِّداً- لَا قِيمةَ لَه.. إنَّه تَمَاماً مِثل العُملَة الثَّمينَة، التي لَا يَقبلها صَاحب البقَالة، ولقَد اختَصر الحِكَاية الفَيلسوف «هيربرت سبنسر» حِين قَال: (إنَّ الهَدَف الأَكبَر للتَّعليم، لَيس هو المَعرفَة، بَل العَمَل)..!!
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/05/09