آراء ومقالات

معلومات الكاتب :

الاسم :
مساعد العصيمي
عن الكاتب :
مستشار إعلامي .. كاتب صحفي صحيفة الرياض

أنت من يُلام يا وزير التعليم؟!


مساعد العصيمي

لم استطع أن أتجاوز حادثة تعليم تبوك رغم أن أسبوعا كاملا قد مرّ على أحداثها.. ويبدو أن ما جعل للموضوع أهمية كبرى أن مقطع تمزيق طلاب المدرسة للكتب لم يلبث إلا ساعات قليلة حتى صدر القرار السريع بإبعاد قائد المدرسة، ليس لأنه قد شارك أو سمح أو حتى منع، بل لأنه الركن الأضعف في الموضوع بين وزير التعليم الذي شعر بالحرج من أوراق الكتب التي غطت الأرض ومدير التعليم الذي تقع الحادثة في منطقته.

وفق المنطق والعقل أن التمزيق لم يحدث داخل المدرسة بل خارجها وتحديدا الشارع المقابل لها، إذا فهو ليس ضمن صلاحيات القائد، إنما الشارع تعليما ضمن المساحة الكاملة لمنطقة تبوك التي يعتبر مدير التعليم مسؤولا عنها.. لذا فمن هو الأولى بالإقالة وفق هذه المقاييس الجغرافية؟!.

الجانب الآخر في المشهد، أن البيان تم من الوزارة والمسؤول عنها هو الوزير، وكأنه ركض وبأقصى سرعة لدمدمة سوأة تمزيق الكتب، وعليه فإن الوزير موافق على أن يكون هناك ضحية للأمر ولا بأس إن كان القائد الضعيف أو أي معلم، ولم لا؟ أليس هما الركن الأضعف في ظل البحث عن كبش فداء لتهدئة الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الغاضبة.

نقرأ بين الحين والآخر عن حوادث من قبل تلاميذ في مدارس غربية، سواء قتل أو اعتداء وحتى تخريب تجاه أساتذتهم أو زملائهم أو المدرسة، ولم نقرأ بيانا يشير مباشرة إلى طرد مدير المدرسة.. كل ما نقرأه عن أولئك الكفار الذين يعاندوننا باهتمامهم بالإنسان أكثر منّا.. أنهم فور حدوث أي مشكلة حتى لو كانت صغيرة سواء أثارت الرأي العام أو لم تفعل، يقومون أولا بمراجعة مناهجهم والطرق المستخدمة في تأهيل المعلمين، لعل السبب الكامن فيها هو ما أفضى إلى ذلك، أما نحن فنبحث فورا عن ضحية ليكون كبش الفداء الذي نغلق عليه الواقعة.

في هذا السياق هل تفضّل علينا وزير التعليم الموقر ليخبرنا عن ماهية الاحترام للمنهج والمعلم ولقائد المدرسة التي يغرسهما التعليم في نفوس الأبناء بعد القفزة الكبيرة بتحميل القائد كل الأسباب.. ألم يطلع على أسباب أخرى قد تكون مناهجنا التي نغرسها في رؤس أبنائنا السبب مكررة منذ عشرات السنين وبدون زعل هي تهتم بالتلقين أكثر من الفهم؟!.

التعليم يعاني من خلل عظيم بسبب أن كل من قادوه في مراحلنا السابقة والحالية يستسلمون فورا ولا يقتربون من أي تطوير للمناهج والمعلم خشية أن يصطدموا بالتابو القائم، وكأن صناعة الإنسان السعودي من خلال التعليم عملية بيروقراطية قائمة لا تفرق بين البشر والحجر.. المهم أن يكون هناك مدارس وطلاب وحلول سريعة لا تستند على دراسة فور حدوث المشاكل.

قضية تمزيق الكتب في تبوك مثال صارخ للاستهتار بالإنسان حتى لو قال مدير التعليم أن لجاناً من كل حدب وصوب تم إنشاؤها لدراسة الأمر وتحميل قائد المدرسة السبب، من استهتارنا بهذا الإنسان استهترنا بتعليمه.. يحدث هذا ونحن الآن في خضم الخروج من النفق وفق الرؤى الاقتصادية الفكرية التطويرية الرائعة المطروحة وفق رؤية المملكة 2030 التي ترتكز على بناء الإنسان السعودي الفاعل المنتج.

أعيدوا قراءة المناهج من تلك التي لا تعتمد على بوصلة، ولا تخضع لأي تطور وابحثوا عن كيفية تطوير المعلم، وإن فعلتم ستكتشفون ارتقاء بفكر الطالب وتحصيله، بل وتقديره لكتابه ومعلمه، وبعدها ستكونون مساهمين فاعلين في تطوير هذه البلاد العظيمة؟ والمستقبل الباهر الذي ينتظرها؟ والأكيد أننا لن نضطر بعدها إلى إعادة تأهيل أبنائنا من خلال ابتعاثهم للخارج، لأن تعليمنا سيكفينا،والأهم أننا لن نقرر حين أي إشكالية بردة فعل متسرعة لنقيل قائدا لا ذنب له سوى أنه ينفذ ما تريده المناهج والوزارة؟!.

صحيفة الرياض

أضيف بتاريخ :2017/05/19

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد