مكافحة الفساد بفساد..؟!
إيمان شمس الدين
استشراء الفساد الإداري في الدولة هرمياً يتطلب مواجهة أيضاً هرمية وحازمة، من دون التمييز في ذلك بين فاسد وآخر.
ومواجهة المفسدين كافة تحتاج إلى أدوات غير فاسدة، وقوانين أيضاً ليست خارجة عن الدستور، لا قوانين تكرِّس الفساد، لا أشخاصاً فاسدين يطبقون قوانين فاسدة أو يمارسون مواجهة الفساد بأدوات فاسدة.
العملية برمتها تحتاج إلى خطة مدروسة منهجياً، وحركة تصحيحية شاملة قادرة على مواجهة مظاهر الفساد في كل الدولة، من الأفراد بكل مستوياتهم وطبقاتهم، إلى القوانين المخالفة للدستور، إلى الأدوات التي ستواجه الفساد والمفسدين.
بكل تأكيد هذا لن يكون في يوم وليلة، فنحن لسنا سحرة ولا نملك عصا سحرية، ولكننا نملك عقولاً قادرة على صناعة المستحيل.
فلا يمكن أن تواجه فساد إدارة من خلال محاسبة أقل موظف فيها فاسد، وتترك من علَّمه الفساد وهو مسؤوله المباشر أو غير المباشر، الذي مارس الفساد ولم يعاقبه أحد، فأغرى ضعاف النفوس من موظفيه بممارسة الفساد لأنهم أمنوا جميعاً العقوبة.
ولا يمكن مواجهة فساد بعض أعضاء السلطة التنفيذية من قبل أعضاء السلطة التشريعية، وبعض أعضاء هذه السلطة الأخيرة يمارسون كل أنواع الابتزاز السياسي بتجيير الأدوات الدستورية بشكل فاسد.
نحتاج إلى ثورة ضد الفساد والمفسدين، ولكن ثورة صادقة لا توفر فاسداً ولا مفسداً، وتضرب بيد القانون وتطبقه على الجميع حتى نتخلص على مدى أجيال من هذا الداء، ونتمكن من إعادة وهج ديموقراطيتنا وتفعيل مؤسساتنا الدستورية، وتمكين الأكفأ لا الأقرب والأغنى.
ومن دون هذه المواجهة الشاملة، فسنكون باختصار نضحك على الشعب ونخدّره بشعارات لا صلة لها بالواقع.
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/05/21