متاعب ترامب الداخلية تُضعفه خارجياً
د. جيمس زغبي
يحفل برنامج زيارة الرئيس دونالد ترامب ببحث كثير من القضايا المهمة؛ مثل أمن الخليج وإلحاق الهزيمة بالتطرّف وكبح جماح إيران، وحل الصراع العربي ـــ الإسرائيلي.
وما من شك في أنها أجندة مثقلة بالقضايا، ولكن الأوضاع المتأزمة، التي تؤرّق واشنطن، التي تركها ترامب خلفه تفرض حضورها بقوة خلال هذه الزيارة.
ففي نظر ترامب أن الأزمات التي تواجهه إنما هي «مفبركة» ومصنّعة على يد خصومه. فقد تذمّر في تغريدة أطلقها قبيل مغادرة واشنطن أنه يواجه أكبر عملية ملاحقة لسياسي في تاريخ الولايات المتحدة.
ولكن الحقيقة غالباً ما تتناقض مع تغريدات ترامب، لأن اللوم يقع عليه قبل أي أحد آخر، في الجدل الذي بدأ يهدّد رئاسته. وما يحدث ليس سوى نتاج لنرجسيته المدمرة للذات، وجهله بآليات عمل الحكومة وادعاءاته وميله لخوض الحروب مع الخصوم.
فهو – ببساطة – لم يفهم حقيقة أن كونك رئيساً تختلف عن أن تكون نجماً في تلفزيون الواقع، أو إدارة شركة عقارية.
أخبار مزوّرة
لقد ظل ترامب يهاجم الإعلام باستمرار حين كان مرشحاً، واستمر في ذلك حين أصبح رئيساً، ووصفه بالمتحيّز واللاموضوعي، وأعجب ذلك أنصاره. وزاد هجومه على الإعلام بعد فوزه، وحذا حذوه الناطقون باسمه. وكثيراً ما يصف وسائل الإعلام التي تنتقده بأن ما تورده لا يعدو كونه «أخباراً مزوّرة».
وفي الوقت الذي توالى فيه طرح الأسئلة عن علاقة مساعديه بالروس، لم يكتف ترامب بمهاجمة الإعلام، بل اتخذ قراراً مصيرياً، بمواجهة أجهزة الاستخبارات، لا سيما مكتب التحقيقات الفدرالي، وهي المعركة التي لا يمكنه تحقيق الانتصار فيها.
فهذه الأجهزة التي شعرت بالغضب من القصص الزائفة التي أثيرت حول مايكل فلين وعملاء آخرين يتعاملون مع نظرائهم الروس، وحول الأسباب الحقيقية وراء إقالة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي جيمس كومي، وما رشح عن المناقشات مع كومي، وما حدث في اجتماع البيت الأبيض مع وزير الخارجية الروسي، بدأت بتسريب المعلومات التي تناقض رواية ترامب، مما مهد الطريق لتعيين المدير السابق لـ«إف بي آي» روبرت ميلر محققاً خاصاً في صلات حملة ترامب بالروس، وما إذا كان ترامب نفسه مذنباً بمحاولة تعطيل سير العدالة، من خلال ممارسة الضغط على كومي لوقف التحقيقات في قضية فلين.
رئاسة ضعيفة
وهناك درس مهم من كل ما حدث، هو أن بوسعك أن تحارب من تشاء في وسائل الإعلام، ولكن إياك أن تتعرض لـ«إف بي آي» أو أجهزة الاستخبارات أو المدعين العامين، لأنهم سيردون الصفعة صفعتين، ولديهم من الذخيرة ما يجعلهم يتفوقون على الخصوم.
ولو كانت لدى ترامب المعرفة الكافية بطريقة عمل الحكومة ولو كان أقل اعتداداً بنفسه، لما كان اختار الدخول بهذه المعارك. ولكنه فعل، والآن سوف تبقى السُّحب ملبّدة فوق رئاسته، طالما استمرت التحقيقات.
ولا يعرف أحد الآن، إلى أين ستقود هذه التحقيقات، ولكن ما نعرفه أن رئاسة ترامب سوف تضعف، وأن كثيراً من أعضاء الحزب الجمهوري سوف يشككون في أهليته.
ويأتي كل ذلك عشية زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط، وهناك من يأمل في الكثير من الزيارة، ولكن في ظل المخاوف من عدم القدرة على التنبؤ بخطوات هذه الإدارة المقبلة، ووجود عدد من مناهضي الإسلام في البيت الأبيض (المفارقة أن أحدهم هو كاتب خطاب ترامب الذي ألقاه في الرياض!)، فإن من الضروري التساؤل ما إذا كانت متاعب الرئيس سُتضعف قدرته على انتهاج سياسة خارجية فاعلة وتحقيق الأهداف، التي أعلن عنها بالنسبة إلى المنطقة.
جريدة القيس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/05/24