كيف تعاملت الخطوط البريطانية مع أزمتها؟
محمد العوفي
الكتابة عن التجارب الشخصية قد لا تحظى بذات القدر من الاهتمام مقارنة بغيرها من المقالات لأنها تعتبر حالة فردية لا تنطبق على الكل، وما لم يكن هناك دورس يستفاد منها فالحديث عنها نوع من العبط أو الاستعراض غير المحبذ، لكن أزمة عطل النظام في الخطوط الجوية البريطانية درس جيد في كيفية التعامل مع الأزمات وأخلاقيات العمل، واحترام العملاء الذين وثقوا في خدماتها.
والعرب تقول «ليس من رأى كمن سمع»، فقد عايشت يوم الأحد الماضي تجربة تعطل نظام الخطوط الجوية البريطانية كمسافر لديه رحلة أخرى مواصلة على ناقل آخر، تسبب عطل النظام في تأخر إقلاعه من مطار نيوكاسل، وعدم وصوله لمطار هيثرو في الوقت الذي يمكنه من اللحاق برحلته المواصلة للرياض على الخطوط السعودية، وكمراقب ومختص في الإدارة في كيفية التعامل مع الأزمة، وتخفيف الآثار المترتبة عليها بما لا يفقد الخطوط البريطانية مصداقيتها وموثوقيتها.
من معايشة الموقف، ومراقبة تعامل موظفي الخطوط البريطانية معه، تبين أن لديها فريق عمل قادرا على العمل تحت الضغوط ومدربا بشكل كبير على التعامل مع مثل هذه المواقف، فالأريحية والهدوء كانا حاضرين مع عبارات الاعتذار والأسف لهذا التأخير الخارج عن الإرادة، مع التأكيد أنهم سيعملون ما في وسعهم لتأمين رحلات بديلة للركاب الذين لن يتمكنوا من اللحاق برحلاتهم المغادرة من مطار هيثرو، وهو ما تم بالفعل بعد استيعاب صدمة اليوم الأول من العطل في النظام.
فلم يترك المسافرون وحدهم في مواجهة مع شركات الطيران الأخرى، بل تولى موظفو الخطوط البريطانية في المطارات الداخلية والمحلية التنسيق لتأمين رحلات بديلة في نفس اليوم على الخطوط البريطانية أو خطوط بديلة قبل أن يغادر الراكب المطار المحلي إلى مطار هيثرو دون أن تكلف الراكب جنيها واحدا، فعلى سبيل المثال، كانت الرحلة التي لم أستطع اللحاق بها على الخطوط السعودية من مطار هيثرو للرياض، ففي هذه الحالة علي انتظار رحلة الخطوط الجوية السعودية ليوم غد كي أتمكن من استخدم تذكرة يضاف إلى ذلك غرامة إعادة الحجز والإصدار والتأخر عن رحلة الأمس وهو ما أجابت به مسؤولة مركز الاتصال الموحد للخطوط الجوية السعودية في أوروبا عندما شرحت لها الموقف بكافة التفاصيل، وأن لا يد لي فيما حدث، وقد هيأت نفسي بعد جوابها لتحمل هذه التكاليف، وكان ذلك قبل الوصول لموظف الخطوط الجوية البريطانية.
وما إن وصلت لموظف الكاونتر التابع للخطوط الجوية، وقبل أن أفتح باب النقاش معه عن التعويض والتكاليف التي سأتحملها بسبب هذا العطل، قال لي «لا تقلق سيتم الحجز لك في رحلة بديلة للرياض على الخطوط الجوية البريطانية دون أن تدفع جنيها واحدا»، وسنتولى التنسيق مع الخطوط الجوية السعودية فيما يتعلق باستخدام تذكرتك الحالية على الخطوط البريطانية، وهو ما تم بالفعل، إذ تم تأمين رحلة لي ولعائلتي دون أن أتحمل أي تكاليف إضافية.
ما حدث يؤكد أن تدريب الموظفين للتعامل مع حالات الطوارئ حتى وإن كانت نادرة الحدوث، والمرونة العالية في التعامل مع الأزمات، والتفريق في التعامل بين الظروف العادية والظروف الطارئة يحد كثيرا من المشاكل المترتبة على ذلك، ويزيد من مؤشر الرضا عن الخدمة، وهو ما تحتاج إليه الخطوط الجوية السعودية في مرحلتها الانتقالية قبل الخصخصة الكلية، فالمنافسة شرسة، والسيطرة على حصص كبيرة من السوق وتحقيق الربحية لن يتم قبل أن تحسن من سمعتها، وتكسب ثقة العملاء، وتفرق بين الظروف الطارئة والظروف العادية، كي تكون خيارا أول للمسافرين.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/06/01