أبغا أصير حرامي!
عبدالله المزهر
حين كنا صغارا ـ وليتنا بقينا هناك ـ كانت أحلامنا تشبهنا، ساذجة وبريئة، ولو تحققت أحلام جلينا وأمنياته عن المستقبل لكان نصف المملكة أطباء والنصف الآخر طيارين، كنا نريد أن نكون طيارين لكي ننظر إلى الأرض من الأعلى، وأطباء حتى نكون في صحة تساعدنا على التحليق بعيدا.
أحلام أطفال اليوم تختلف عن أحلام أطفال الأجيال السابقة، أغلبهم يريد أن يصبح لاعب كرة قدم أو داعية مشهورا بحكم أنهما الوظيفتان الأعلى دخلا وقبولا اجتماعيا.
ومعايير النجاح أصبحت مرتبطة بالمال، وكلما زاد مال الإنسان كان ناجحا بغض النظر ـ بقوة ـ عن الطريقة التي جُمعت بها هذه الأموال.
سألت أطفالي عن أمنياتهم التي يريدون أن تتحقق حين يكبرون، الأول قال أريد أن أصبح رجلا حين أكبر.
ولأنه طفل فهو لا يعلم أن هذه أصعب أمنية يمكن أن تتحقق، أن يتحول الطفل إلى رجل ليست عملية نمو جسدي فقط.
لم أناقشه كثيرا لأنه سيكتشف الأمر من تلقاء نفسه فيما بعد.
أما الآخر فكان أكثر تحديدا وقال بوضوح: «أبغا أصير حرامي» إذا كبرت.
هو يريد اختصار الطريق والوصول مباشرة للهدف، تفهمت أمنيته ولكني حاولت أن أوضح له أن الصراحة أحيانا تكون مؤذية، وأنه لا يجب أن يكون مباشرا في حال الحديث عن هكذا أحلام.
أخبرته أنه يمكن أن يعبر عن أمنيته بطريقة أكثر جذبا، كأن يتمنى أن يصبح «شركة اتصالات» أو أن يصبح بنكا سعوديا.
هي نفس أمنيته لكنها بطريقة لا تثير الشك والارتياب اللذين يثيرهما الإفصاح عنها بشكل مباشر.
وعلى أي حال..
فقد توقفت ولم أسأل بقية صغاري عن أمنياتهم، خفت أن يتمنى أحدهم أن يكون «إنسانا»، وهذا أمر لا أستطيع إقناعه بأنه أصعب من كل ما سبق!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2015/12/17