فلنبدأ الحديث: وظائف للجميع
سعيد محمد بن زقر
عندما يشير كاتب السطور، بإمكانية توفير وظائف للجميع فإن الأسئلة التي تحاصره وتطرح نفسها ، هل يمكن لأي اقتصاد توفير وظائف للجميع ؟ ،بالطبع لكل جوابه، لهذا السؤال.
ولكن الإجابة تحدد المخيم الذي يقيم فيه المُجيب. إذ تتوفر مخيمات اقتصادية لتيارات شتى منها: مخيم التيار السائد (النيوليبرالي) الذي يعتقد بأن الإجابة «لا» قول واحد. وهناك مخيم المفكرين خارج التيار السائد وهم (هيترودوكس) ويفترضون بأن الاستدامة مفهوم متداخل بحيث أنه نسيج وجزء لا يتجزأ من الوجود ، مما يعني أنه دائماً وأبداً يوجد عمل لمن يرغب فيه. لهذا نُصحي للقارئ الكريم بأن يفكر جيدا قبل أن يقرر لأن ما يقرره في هذا الجانب سيحدد به مصير جيل بأكمله وليس فردًا،، متى تعلق القرار بتوفر الوظائف. فالقرار إِمَّا يجعلنا كمجتمع نقبل ونتقبل حبس نسبة منا في قفص البطالة «الفقر» كإجراء أو نرفض ذلك الإجراء ونصر على أن العمل اللائق الكريم ينبغي أن يُوفر لكل إنسان قادر عليه ومستعد وجاهز له. والعمل اللائق متى توفر سيكون مخزوناً 'إستراتيجياً' للأيدي العاملة الماهرة (عوضاً عن مخزون من العاطلين عن العمل)، على أن هذا المخزون سيستفيد منه القطاع الخاص متى كان في حالة نمو أو ارتفع الطلب على مهارات بعينها أو على الموارد البشرية عموماً.
ولهذا بعيداً عن أي تعقيدات مصطلحية غير مستساغة لقارىء غير متخصص، فإن الأمر بكل بساطة - خيار- ما بين اثنين لا ثالث لهما: إما مخزون من العاطلين أو مخزون «إستراتيجي» من العاملين الذين يكونون على أهبة الإستعداد والجاهزية للانتقال للقطاع الخاص متى استعاد الإقتصاد حيويته ، وارتفع الطلب فيه على التوظيف. وصحيح أن هذا أمر له صلة بالدورات الإقتصادية كحقيقة لا يختلف عليها اثنان ،من حيث ارتفاع او انخفاض طلب القطاع الخاص على الأيدي العاملة ، ولكن ما يعرفنا كمجتمع - في رأيي- هو كيفية تعاملنا مع الأوضاع الاقتصادية وخاصة تعاملنا مع من هُم في أمس الحاجة للعمل وتُصنف أوضاعهم الاقتصادية وحياتهم بأنهم من (الضعفاء) ،، فهل تعتبرهم «بشرا» ،أم مجرد أرقام لإحصائيات 'باردة' على شاشات الحاسوب؟ ،، أو أن آلامهم وهمومهم ودموعهم حقيقية و بالتالي لهم حق علينا؟
الحديث عن الوظائق للجميع يقود لسؤال عن هل الرأسمالية «البحتة» بوحشية شعاراتها البراقة مثل(خصخص كل ما يمكن خصخصته وقلص من الأنظمة كل ما يمكن تقليصه) هل هي من يُعرف «مواطنتنا» أم يعرفها كتاب الله والسنة التي اتبعها المعلم الأول صلَّى الله عليه وسلم والذي كما نعلم استعاذ من الكفر والفقر. إن الإجابة واضحة وهي أن النهج الاقتصادي الإسلامي يدعم توفير وظائف للجميع. لأنه يرفض مبدأ كل ما يمكن أن يؤدي إلى الفقر ، ويضعه على كفة وكرامة المواطن على كفة مقابلة.
وبعد عزيزي القارئ قال نزار قباني : «إني خيَّرتك فاختاري «،وفي الاقتصاد لكل خياره وخياري وظائف للجميع، فما خيارك أنت؟ كل عام والقراء بألف خير.
صحيفة المدينة
أضيف بتاريخ :2017/06/12