بعد السعودية الدور على قطر: ترامب مصمم على تجويع “الوحش”!
عبدالوهاب الشرفي
أكد الرئيس الأمريكي ترامب أن معاقبة قطر عمل ايجابي ، و أضاف أن الإرهاب وحش وأنه لابد من تجويعه وأردف القول صدقوني سنجوعه .
كان ترامب قد تحدث من قبل حديثا مفاده أن ما تم تجاه قطر هو أمر تم بالتفاهم معه أثناء تواجده في الرياض ، وبالتالي فما يتم تجاه قطر هو بالتنسيق المسبق مع ترامب الذي هو اليوم يصرح بأن معاقبة قطر أمر ايجابي .
منذ تولي ترامب الرئاسة الأمريكية لم يقم بأي عمل هيكلي ضد ” القاعدة و داعش ” فباستثناء تصعيد في الضربات الجوية الأمريكية لمن تتهمهم الولايات المتحدة بأنهم عناصر تنتمي للقاعدة لم يقم ترامب بشيء جديد تجاه التنظيمات و الجماعات الإرهابية .
ما قام به ترامب هو بعد وصوله لسدة الرئاسة هو تغيير موقفه من المملكة السعودية التي كان يشن عليها هجوما قاسيا متهما إياها بالدولة التي ينطلق منها الإرهاب وليتحول موقفه منها إلى وصفها بالحليف المهم للولايات المتحدة في الشرق الأوسط و يشكر الملك سلمان على دوره في الحرب على الإرهاب .
الإدارة الأمريكية تعرف تماما عدم إمكانية الذهاب بعيدا تجاه قطر في ضل عوامل النظام العالمي القائم و عوامل التحالفات في المنطقة ، لكن أداء الإدارة الأمريكية و أداء ترامب أثبت أن ترامب شيء و الإدارة الأمريكية شيء أخر ، أو بعبارة أصح أن مواقف ترامب تعمل لتحقيق أهداف لا يمكن للإدارة الأمريكية تبنيها على الأقل رسميا .
تصاعد موقف ترامب تجاه قطر من موقف متقبل لاتهام السعودية و الإمارات لقطر بالإرهاب إلى متبني مباشر لهذا الاتهام و بذات الحدة السعودية الإماراتية ، لكن الإدارة الأمريكية لازال موقفها هو الدعوة لحل الأزمة عبر الحوار وأن دول الخليج هي على أهمية واحدة بالنسبة للولايات المتحدة .
تبديل ترامب لموقفه تجاه السعودية لم يتم إلا بعد أن ” حلبها ” ما يصل إلى الألف مليار دولار ، و هو موقف بدء بكيل تهم الإرهاب لها ثم ” الحلب ” ثم بعد ذلك تغيير الموقف ، و لم يكد ترامب ينتهي من ” حلب ” السعودية حتى أوعز للسعودية و الإمارات بأن يندفعا باتجاه قطر وبدوره أراد أن يمارس ذات اللعبة تماما الذي تبدء بتحريك تهمة الإرهاب و تنتهي بعقود واتفاقات بمليارات الدولارات ، و نظرا لخصوصيات قطر فقد تدرج ترامب في اتهام قطر بالإرهاب على أمل ” حلبها ” بمقابل أن يتكرم و يصرح بأنها هي أيضا حليف استراتيجي للولايات المتحدة و يشكر تميم على جهوده في مكافحة الإرهاب و بذات السيناريو السعودي .
فوجئ ترامب أن قطر ليست ” بقرة ذلول ” وكان رد قطر على دعوته لها إلى ” حظيرة ” البيت الأبيض لحل الأزمة ” بأن امير قطر لن يغادر بلده و هي تحت الحصار ” ، وهذا الرد القطري هو الذي نقل موقف ترامب من متقبّل لموقف السعودية و الإمارات في البداية إلى متبني له ومصعد معهما ضد قطر في إصرار على أن يجني منها ما جناه من السعودية .
يبدو ترامب مصر على ” حلب ” قطر من خلال تحوله للتصعيد معها – على خلاف موقف إدارته التي تتعاطى مع الإدارة القطرية باتجاه الحل عبر الحوار – ومنطقه أنه يقول لقطر تعالي نتفاهم وادفعي كما دفعت السعودية و سينتهي التصعيد مالم فالتصعيد مستمر حتى ولو لم تصعد الإدارة الأمريكية .
بعد موقف قطر بأن أميرها لن يذهب للبيت الأبيض و بلده تحت الحصار – أي لن يذهب قبل حل الأزمة – رد عليه ترامب بتصريح تبنى فيه تهمة الإرهاب ضد قطر بعد أن كان في البداية يتحدث بأنه ” قيل ” له في الرياض أن قطر تدعم الإرهاب ، لكنه أضاف أنها ليست قطر فقط وإنما هناك دول أخرى متورطة في دعم الارهاب ولن يذكرها في ذلك المقام الذي تحدث فيه وكان مفهوم حديثه هذا بأن هناك دول أخرى يعني أن ترامب لم يغلق حساب السعودية بعد رغم ما دفعته حتى الآن وأن الإمارات أيضا ” ستحلب ” عما قريب بذات أسلوب ” حلب ” السعودية و هو ذاته الأسلوب الذي هو بصدده ” لحلب ” قطر .
كان ترامب واضحا في حديثه الأمس أمام الحكومة الأمريكية حيث قال أن ما قمنا به هو عمل عظيم فصفقات الأسلحة التي اتفقنا عليها ستتيح فرص عمل في أمريكا و ستساعد السعودية على حماية الأمن في منطقتها و أن ما نقوم به اليوم ضد قطر هو لوقف تمويل الإرهاب وهي معركة صعبه لكننا سننتصر فيها و أن الإرهاب وحش لابد من تجويعه و سنجوعه .
أراد ترامب إيصال الرسالة لحكومته والتي مفادها أن ما يقوم به هي أعمال عظيمة بدأت في المملكة و هي الآن قد وصلت لقطر و أن الهدف منها وقف تمويل الإرهاب و أن الإرهاب وحش يجب تجويعه و بالطبع ” حلبه ” للسعودية مايقارب الألف مليار حتى الآن وتوجهه إلى قطر بذات الاسلوب المبتز بالإرهاب يهدف تبعا لتاريخ أداء ترامب إلى ” حلب ” قطر أيضا يعني أن ما يقوم به ترامب ليس بيع مواقف من هذه الدول لجني المليارات لصالح الولايات المتحدة وإنما هي إستراتيجيته تجاه ” وحش ” الإرهاب الذي يعمل على تجويعه .
سبق لترامب أثناء حملته الانتخابية الحديث عن السعودية و دول الخليج تمتلك ثروات ضخمة وإنها تسيئ استخدامها ويجب أن يتم سلب هذه الثروات منها ، وهذا هو ما يقوم به ترامب بالفعل فالإرهاب مع السعودية سلبها ألف مليار حتى الآن و مفهوم تصريحات ترامب للدول الآخرى لا تعني إلا أنه لم يغلق حساب السعودية بعد و أن الإمارات سيفتح لها حساب كما فتح الآن حساب لقطر .
إذا ما يعتزمه ترامب هو تجويع الدول التي يثير حديث الإرهاب حولها حتى تدفع ثم يحول موقفه و يستمر في ابتزازها تحت خوف فتح هذا الحديث مرة أخرى وسيكون كله تحت عنوان ” الدور المفيد للأمن في المنطقة ” الذي تحدث عنه أنه نصيب السعودية من صفقات الأسلحة بمقابل فرص العمل للأمريكيين . و لاشك أن المبالغ التي تتحول من الخليج باتجاه الولايات المتحدة بالآلاف المليارات و إغراق دول الخليج أكثر في صراعات المنطقة و مؤخرا في مشاكل بينية تضاعف استنزافها فوق ما يتم تحوله إلى الولايات المتحدة لتكون النتيجة التي يسعى لها ترامب و هي ” الوحش الجائع ” الذي قال عنه بعبارة تحمل التصميم ” وسنجوعه ” ، أي أن إستراتيجية ترامب لمواجهة الإرهاب تقوم على تحريك ملف الإرهاب لنهب أموال دول الخليج و الوصول إلى به إلى ” خليج جائع ” بعد سلبه ثرواته وإغراقه في مشاكل المنطقة ومشاكله البينية أكثر فأكثر .
رئيس مركز الرصد الديمقراطي ( اليمن )
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/06/16