الوقاية خير من الاستثمار!
عبدالله المزهر
تقول الأخبار إن شركة تسمى «مونسانتو» تريد دخول السوق السعودي، وهذه الشركة تعتبر من ضمن أكثر الأشياء سمعة سيئة على كوكب الأرض، وتتنافس في ذلك مع إبليس شخصيا، وفي أحيان تتفوق عليه وتجعله يبدو تافها غبيا.
واهتمام هذه الشركة «الظاهري» هو بالمنتوجات الزراعية والمبيدات الحشرية والأدوية، وتجد حصارا شديدا في الدول التي تحترم فيها البيئة ويقدر فيها الإنسان، ولذلك اتجهت في السنوات الأخيرة إلى الدول التي يكون الاهتمام فيها بالبيئة أمرا ثانويا، ويرتفع فيها سعر كل شيء وتقل فيها قيمة «الإنسان».
وبالطبع فقد كانت النتائج كارثية وتسببت هذه الشركة في موت آلاف البشر، وكان هؤلاء الضحايا في الغالب من دول العالم «الرخيص» ولأنهم كذلك فلم يكن الأمر مجرما بالشكل الكافي ولذلك ما زالت الشركة تبحث عن موطئ قدم جديد.
هذه الشركة تكسب الكثير من الأموال وتتزايد أرباحها، والمال مغر ولديه كاريزما لا تقاوم، وهو مقياس النجاح الوحيد تقريبا في هذه الحقبة البائسة من تاريخ البشرية، فشركة بأرباح عالية يعني ببساطة أنها ناجحة، حتى لو كانت هذه الأموال على حساب صحة الناس وحياتهم ومستقبلهم، هذا لا يهم.
ويقول «المعنيون» في السعودية إنهم سيحاصرون هذه الشركة بكثير من القيود والاشتراطات قبل دخولها، وهذا أمر يشبه إلى حد بعيد أن تدخل حيوانا مفترسا إلى منزلك ثم تقول لأسرتك لقد جعلته يوقع «تعهدا» قبل أن أحضره من الغابة بأنه لن يتعرض لأي منكم.
ثم إني لا أعلم، هل بدا لأحدهم أن الناس بحاجة إلى «استقدام» بعض الأمراض لتجربتها؟!
نحن محاصرون بالأمراض من كل حدب وصوب، في الأكل والماء والدواء، ولا أعتقد أننا بحاجة إلى خدمات مونسانتو في هذا المجال. فلدينا ما يكفي ويزيد.
وعلى أي حال..
صحة الناس ليست مجالا مناسبا للمغامرات والتجارب الاستثمارية، وخاصة في الأمور التي لا حاجة لها ولا ضرورة. والمجال واسع فيما عداها من أمور. ووجود مثل هذه الشركة سيئة السمعة غير ضروري ولا مهم، حتى وإن لم تعد تقتل «الكثير» من الناس في الوقت الحالي.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/06/17