عبدالحليم البراك

هذه خمس قصص قصيرة ليست ساخرة أو ساذجة لخمسة أشخاص (لم) أو (لن) يعرفوا شيئا عن حساب المواطن.

حساب المواطن أنشئ بحسب ما أعلمه (إن كنت أعلم شيئا) لتعويض بعض متضرري ارتفاع الأسعار (أو) من أجل تغييرات اقتصادية في المملكة، ومهما يكن من أمر فهذه خمس قصص (تراجيدية) حقيقة عن هؤلاء.

- مسن في هجرة صغيرة تبعد عن قرية (قبة) عشرات الكيلومترات التي تبعد عن (الأسياح) عشرات الكيلومترات التي تبعد عن (بريدة) عشرات الكيلومترات يقيم في بيت مسلح عادي لديه ثلاثة أبناء صغار (بالكاد) يعيلهم من مبيعات (حلاله) في البر على (هواة البر) في الشتاء. أما في الصيف فهو في غفلة عن الدنيا (كل الدنيا) وهو يطعم أولاده وغنماته وينتظر الشتاء لكي يبيع ويتزود في المال. هذا المسن لا يعرف معنى (مواطن) حتى يعرف معنى (حساب المواطن) ولا يعرف الانترنت حتى يعرف معنى التسجيل فيها، لأنه لا يملك هاتفا جوالا في جيبه أصلا، لأن جيبه مقطوع، ولم يجد الوقت والمال الكافي لشراء ثوب جديد. ومن سيرى ثوبه الجديد وهو يمتطي سيارته الداتسون وراء (حلاله).. ومن سينتبه له!

- سجين في (بيشة) في مديونية مالية خلف زوجة وثلاث بنات؛ في بيت شعبي لا أحد يعرف كيف تعيش عائلته، هل هي تعيش من صدقات المحسنين، أم تعيش من الضمان، أم هي تأخذ من الجمعية، أم تصم أذنيها لطارقي الباب يطالبون الزوج السجين بالمديونيات وتسديد المستحقات، من سينتبه لهم!

- سائق تكسي (كداد)، لا عنوان له إلا الطرق السريعة، لا بيت له إلا المرتبة الخلفية لسيارته أو (الردمية) اليمنى للطرق السريعة، لا يعرف كيف ينطق كلمة (ايفون) أو كلمة (جلاكسي)، وكل ما يعرفه هو ألا يتجاوز السرعة المحددة لأن هذا سيكلفه المال الكثير عند تجديد استمارة سيارته؛ بل إنه لا يعرف قراءة الرسائل الواردة إلى هاتفه النوكيا القديم، وكل ما يعرفه هو أن يضغط العلامة الخضراء للرد أو رقما واحدا مطولا للاتصال بعائلته ليقول لهم: وصلت الرياض أو صلت المدينة أو وصلت القصيم وسأرجع بعد عدة ساعات، من سينتبه له!

- أرملة لا تقرأ ولا تكتب (تبسط) بسطتها في سوق النساء، تقتات على مبيعات مستهلكة وتعود لأطفالها تطعمهم فولا وخبزا أكبرهم عمره خمس سنوات وأصغرهم سنتان، من سينتبه لهم!

- خرساء في أقصى الشمال نشرت صورتها تطلب العون لديها أطفال عددهم تسعة، منهم معاقون، هل لديها التأهيل لتدخل حساب المواطن، من سينتبه لها!
هناك من سيقول فضلا منه: ليفتح لهم الضمان الاجتماعي مكتبا لخدمتهم، وآخر يمن علينا برأيه ليقول: مكاتب خدمة الطالب تمنح صلاحية التسجيل لهم مقابل مبلغ رمزي، وأقول: هؤلاء يؤتى إليهم ولا يأتون، يبحث عنهم ولا يبحثون، يسأل عنهم ولا يسألون!

أخيرا من سينتبه لهؤلاء يا (حساب المواطن)، فهذا وذاك مواطن لم يسجل بعد في حساب المواطن!
 
صحيفة مكة