هل سيكون هناك كيان اسمه العالم العربي؟
خالد المعينا
في الخامس من يونيو الجاري كنت أجلس مع مجموعة من المثقفين الذين كانوا طلبة علم أو موظفين صغارا عندما وقعت حرب الأيام الستة عام 1967، حيث تم تدمير الجيوش العربية وأطلق على هذه الهزيمة لقب «النكسة».
ومن المؤلم حقا أن لا أحد من المجتمعين فتح الله عليه بكلمة ليتذكر ذلك اليوم المشؤوم وكأنه انسلخ من ذاكرة التاريخ تماما.
وعوضا عن تذكر النكسة وما جرته من انتكاسات ومرارات في العالم العربي حول المجتمعون نقاشاتهم إلى الأزمة التي يمر بها العالم العربي حاليا وتعصف به وتزلزل كيانه لدرجة أن أحدنا قال بأعلى صوته: لا يوجد عالم عربي اليوم، فنحن قد تمزقنا بدون أي أمل في الإصلاح.
وشاركتهم في النقاش وقلت انظروا إلى الطائفية التي نهشت لحمنا وحولتنا إلى شعوب سنية وأخرى شيعية مع أننا أصحاب قبلة واحدة وندين بدين واحد. وقلت لهم إن تمزقنا على أساس طائفي قد جعل منا مادة للسخرية والتندر في الولايات المتحدة وأوروبا رغم أننا كلنا مسلمون.
أما الكراهية وسط المجتمعات العربية فقد بلغت حدا لم يعد يجدي معه رتق الفتق وقد زاد من مستويات هذه الكراهية بعض العلماء الذين نصبوا أنفسهم قادة دينيين وأصبحوا يصدرون الفتاوى المتناقضة والبيانات ضد بعضهم فتجد أحدهم يقلل من قيمة الآخر ويصفه بأشد العبارات التي ليست لها أي علاقة بالإسلام.
ومن القضايا الكبرى التي يصمت حولها العالم العربي موضوع الانفجار السكاني والزيادة غير الطبيعية في معدل السكان في كل البلاد العربية. وليست الشعوب وحدها التي تدير ظهرها لهذه القضية فالمسؤولون يخافون من إدخال برامج تنظيم الأسرة لأنهم يخشون غضب العلماء المتعصبين الذين يرفضون أيه محاولة لتحديد النسل.
وفي منطقة تستورد ما تأكل وتعاني من شح المياه ونقص الإسكان فإننا نتكاثر مثل الأرانب دون وعي بما نعانيه من نقص المأكل والمشرب وكأن الكثرة هي العلاج لمشاكلنا وليس العكس، فمن قال لنا إن الكم أهم من الكيف؟
وكانت دول الخليج العربية تمثل الملاذ الآمن للكثيرين من العرب لكن مع انخفاض أسعار البترول والاضطرابات في المنطقة العربية فقدت هذه البلاد هذه الميزة.
وموضوع آخر يواجهنا بقوة هو تسييس المنطقة واستخدامها لتأجيج الجماهير وحشدهم ضد بعض بأمل أن يفنوا بعضهم بينما الآخرون يتفرجون علينا ونحن نذبح أنفسنا بأيدينا.
وقال لي صحفي غربي إنكم تتقاتلون من أجل الإسلام دين التسامح والسلام والمساواة وهو منكم براء.
وأضاف: لكي تتجنبوا الاقتتال بسبب دينكم الواحد يجب أن يكون لكم قادة مستنيرون يحكمون بالشفافية وروح المسؤولية ويقودون شعوبهم من الأمام، حيث يتقدمون الصفوف ولا يسيرون خلفها.
وفي غضون ذلك يجب أن تحتل الموضوعات الجيوسياسية المرتبة الثانية بعد الأمور السياسية الاقتصادية، كما يجب أن يكون التركيز على خلق الوظائف وتسهيل العمليات التجارية وتبادل الآراء والأفكار في مناخ من الحرية واحترام الرأي الآخر.
أنا عادة لا أؤمن بنظرية المؤامرة لكي أقول بكل ثقة إن قوات الظلام تعمل بكل قوة لهزيمتنا وخلق دويلات صغيرة بدأت آفاقها بالفعل تتشكل في العراق وسوريا وليبيا التي ما هي إلا بداية للطوفان.
ولا يخفى على أحد أن إسرائيل ومنظماتها في الولايات المتحدة تعمل بالفعل على بذر بذور الاختلاف بيننا بل تفخر بهذا وتعتز به بينما نحن نائمون في العسل. وإذا استمر هذا الحال من اللا مبالاة والتمزق قد تتم إعادة رسم خريطة العالم العربي وقد يجيء يوم لا قدر الله لا تعرف الأجيال المقبلة فيه أنه كان هناك كيان اسمه العالم العربي.
اللهم أحفظ بلادنا وجميع بلاد المسلمين من الضالين المخربين، اللهم برحمتك نستغيث، أصلح الحال بين الشعوب وألف بين قلوبهم، ووحد أمة الإسلام فيما تحب وترضى يا رب العالمين، اللهم أزل الحقد والكراهية بين الناس، اللهم أحفظ أمننا واستقرارنا وأهلنا وشعبنا وبلادنا.
اللهم قنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفقنا للخير والحق، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، اللهم لا تجعله مشتبها علينا فنضل.
وكل عام وأنتم بخير..
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/06/23