متى نقرر أن نبدأ التغيير؟
د. عبدالله الحريري
عندما فكرت في كتاب يساعد الناس في اتخاذ قرار لبداية جديدة في حياتهم كنت أفكر من أين وكيف أبدأ لأن الموضوع في غاية الأهمية كونه يمثل نقطة تحول في حياة الكثيرين فغالبية الناس الذين أقدم لهم الاستشارات، لديهم الرغبة في التحول الإيجابي ولكن لا يملكون الأدوات الفكرية والسلوكية لبدء التحول وأغلب الناس الذين مروا في محاولات متكررة للتغيير أصيبوا بالإحباط وبعضهم كاد أن يفقد الأمل من كثرة مرات الفشل وتكرار الوقوع في الأخطاء وعدم الاستفادة من التجارب السابقة ... ومما يزيد من الإحباط ويدمر الذات الانغراق في لوم النفس وخلق سيناريوهات من الشعور بالذنب وتأنيب الضمير دون توقف أو وضع حد للانغراق في مثل تلك السيناريوهات غير السارة والتي تزيد من حالة الإحباط ثم الاكتئاب والمخاوف ومع الوقت يعتقد الناس أن فرص السعادة والأمل تقل وخاصة مع التقدم في العمر وهذه مفاهيم خاطئة تكونت عبر الزمن وربما تكون تكونت من منظور ثقافي يأتي الشخص وهو محمل يمثل هذه المفاهيم الخاطئة عن الحياة.
الناس مع الوقت يبنون في عقولهم معتقدات قطعية وسلبية تجعلهم يتعاملون مع المواقف والأحداث الحياتية بمحتوى من الأفكار الكارثية وقائمة من المستحيلات حتى تصبح مع الوقت لغة من لغات أفكارهم وتتمكن من المحتوى الفكري في عقولهم فتصبح المستحيلات أكثر من المستحيلات ومع أن الإنسان عادة ما يتبنى فكر المستحيل إلا أنه لا يلبث أن يحول المستحيل إلى ممكن فكل شيء ممكن وإنما المستحيل يأخذ وقتاً أطول وعلى ضوء ذلك فمن باب أولى أن نختصر الوقت بتعزيز فكرة الممكن على المستحيل، كون استهلاك واستخدام مثل هذه العبارات القطعية التي عادة ما تستخدم لبقاء الجنس البشري يؤدي إلى فقدان الأمل وتعطيل النشاط الإنساني الإيجابي.
المهم نحن في خضم أي مواقف أو أحداث وفي الأزمات يتوارى لنا ونعتقد معتقدات سلبية بل قد نفقد الأمل ونقتنع أننا لن نخرج من تلك الأزمة وأنها نهاية كل شي ونفقد الصبر والحكمة وفي أحيان كثيرة العقلانية أيضاً ونتوقع أن هذه المشكلة أو الأزمة لن تنحل ثم ما تلبث أن تنحل بطريقة أو أخرى وبألم أو بدون ألم وفي أحيان كثيراً بفعل الزمن فالقاعدة الحياتية تقول لن يبقى أي حال كما كان عليه ودوام الحال من المحال والتاريخ خير دليل فيثبت لنا يوماً بعد يوم هذه القاعدة.
الوقت يسرقنا وفي نفس الوقت نستهلك الكثير من العواطف في الإحباط والقلق والاكتئاب ونعيش الأربع والعشرين ساعة بدون أهداف واضحة أو عشوائية ونعتقد أننا مشغولون، ولكن إذا أردنا تحليل هذه العبارة وتساءلنا فيما نحن مشغولون فيه فقد لن نجد إجابة المهم أننا دائماً مشغولون وفي الحقيقة مشغولون ولكن في أمور صغيرة لا فائدة منها وليس لها عائد على تحقيق الذات.
طيب هل نستمر في هذه الحيل التناورية مع أنفسنا ونفقد الأمل أم لابد أن نقف مع أنفسنا ونقرر أن نبدأ من حيث انتهينا فقرار البداية ليس مرهوناً بالزمان أو المكان المهم أن نقرر أن نبدأ ونتحدث مع أنفسنا بأن هذه الساعة أو اليوم هي البداية أو الانطلاقة نحو التغيير وإعادة هيكلة حياتنا.. المهم أن نتوقف عن الكثير من العادات والسلوكيات والأفكار ما قبل ساعة البداية وأن نبدأ بما هو متاح لدينا من إمكانات شخصية ومواطن قوة في شخصياتنا وان نتخلص من الأشياء التي لا لزوم لها في حياتنا.
جريدة الرياض
أضيف بتاريخ :2017/06/25