عنتريات ترامب… أيام أوباما الخوالي
الدكتور محمد بكر
يعود الحديث الأميركي مجدداً عن التهديد بتدخل عسكري في سورية، لم يُفصَح عن طبيعته وشكله ومشروطاً باستخدام الدولة السورية للسلاح الكيميائي الذي ادعت الولايات المتحدة أن لديها مايؤشر لهجوم محتمل قد يشنه الجيش السوري، التقدير الأولي لضربة عسكرية أميركية محتملة لمطارات عسكرية بعينها أو مواقع تابعة للجيش العربي السوري يبدو مبدئياً ذو صدى إعلامي أكثر منه مادي، بالرغم من إعلان زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية عن استفزاز أميركي يجري التحضير له، مايبديه ترامب اليوم هو أشبه ” بالعنتريات ” لتحصيل حصاد سياسي بعينه، العنتريات التي فقدت ثقلها النوعي في العدوان الأخير على مطار الشعيرات، لجهة مماورد من تأكيدات أن الجانب الأميركي أبلغ نظيره الروسي عن نواياه قبل فترة محددة، كانت كافية بتفريغ الضربة من محتواها الفاعل وتأثيراتها العميقة فجاءت سياسية بامتياز، وعلى قاعدة ” تنفيس الغيظ “، عودة الحديث الأميركي مجدداً عن احتمال تدخل عسكري جديد يمكن قراءته من زاويتين رئيستين :
الأولى : تستند وتذكر بالضربة الأميركية إبان وجود أوباما على رأس الإدارة الأميركية، وكيف جاء الكيميائي السوري روسياً، والتخلص منه إسكاتاً وفرملة ً للهيجان الأميركي حينها، وكيف خرج الأسد في مقابلة صحفية ليبعثر الحصاد الأميركي، ويؤكد على أن السلاح الكيميائي كان عبئاً على الدولة والتخلص منه لايغير في المعادلة الردعية، وبحوزة الجيش مايعمي إسرائيل، فهل يأت الجديد الأميركي ليحصد مايُسكته ويطفئ هيجانه في الملف السوري.
الثانية : في جملة التطورات السياسية والعسكرية التي تواصل فيها روسيا تفصيل العملية السياسية بعيداً عن العين الأميركية، ويحقق حلفاؤها إنجازات ميدانية على أسس جغرافية تقلق الولايات المتحدة والأهم الإسرائيلي، وتحديدا في جزئية تدعيم تعاظم قوة حزب الله، هذه الإنجازات التي من الطبيعي أن يقوى بها الروسي لمستوى مكاثرة الحدة في لهجته وخطابه عندما أعلن إبان إسقاط التحالف الأميركي طائرة سورية، أن أي طائرة في مجال عملياته في سورية ستكون في مرمى صواريخه.
ماقاله مدير برنامج دراسة الأمن في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية رافائيلو لجهة أن إستراتيجية ترامب غريبة ويستعرض فيها الأخير قواته وعضلاته وهي عنصر رئيسي في تفكيره، تبدو الأقرب لتوصيف السلوك السياسي الأميركي.
من الصعب معرفة ما يريده الأميركي إن كان يفكر بشيء وازن يفرمل اندفاعاته وسقف خطابه المرتفع، ولانعرف إن كان الهدف فقط، هو التشويش على المسارات السياسية التي تقودها موسكو، أو لإسقاط الروايات الأميركية التي تنشط هذه الأيام لجهة الدور الروسي في وصول ترامب لسدة الرئاسة.
بعد أيام سيلتقي ترامب وبوتين في قمة دول العشرين في هامبورغ ولانعتقد أن الحكمة السياسية تقول أن يأتي ترامب بحصاد تصعيدي إذا مانفذت الضربة كقاعدة للحوار السياسي مع بوتين، لأن ذلك سينسف كل قواعد التلاقي السياسي أصلاً، إلا إذا صدق توصيف علي لاريجاني بأن سلوك السياسيين الأميركان هو سلوك تجار وليس رجال سياسة، عندها فترقبوا قرع الطبول ونيران الجنون في حضرة ” أبو إيفانكا”.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/02