خطبة السيد المسؤول
فواز عزيز
قبل 3 سنوات تقريبا انتشر فيديو محرج لوزير عربي اعتلى منصة مؤتمر وبدأ كلمته عن «تكنولوجيا المعلومات»، ومع أول جملة اكتشف الوزير أن الكلمة التي أعدت له ليست لهذا المؤتمر بل لآخر، فاعتذر وسأل عن موضوع المؤتمر، فلما أخبر بأنه مؤتمر عن «المساواة بين الجنسين»، رمى بأوراق كلمته التي أعدت له جانبا وقال ساخرا «دعوني إذا أتحدث عن الترهل الإداري» فضحك الحضور، وأشار بفكاهة إلى أن وزارته قررت أن يتحدث الوزير عن التكنولوجيا والمعلومات في مؤتمر عن «المساواة بين الجنسين»، فقلب الوزير بذكاء الموقف من محرج إلى فكاهي ختمه بإعلان تحسن «الترهل الإداري» بعدما وصلته أوراق الكلمة المخصصة لهذا المؤتمر!
حين تشاهد بعض الوزراء يتحدثون في مؤتمر أو مناسبة أو يجيبون على أسئلة الصحفيين تشعر أن بعضهم قد يكون مثقفا أو متحدثا لبقا لكنه لا يعرف شيئا في عمل وزارته، لذلك هو منفذ لآراء مستشاريه ومساعديه ووكلاء الوزارة، ولذلك هذه النوعية من الوزراء لا تفهم أي مشكلة تحاول -أنت أو غيرك - إيصالها إليهم!
يقول الوزير الراحل غازي القصيبي في كتابه «حياة في الإدارة»: «أحيانا، كنت أشعر أن الشعوب العربية لو أدركت ما يدور في بعض اللقاءات، سواء كانت لقاءات قمة أو لقاءات وزارية، لأصيبت بما يشبه الصدمة العصبية»، ثم روى بعضا من مشاهداته في تلك اللقاءات فقال «حضرت مرة مؤتمر قمة عربية تحول إلى ما يشبه المحاكمة، هذا الرئيس يستعرض جرائم ذلك الرئيس ضد بلده من انفجارات واغتيالات معززة بالتواريخ والأرقام، وذلك الرئيس يرد بقائمة اتهام مماثلة». ويروي القصيبي أنه حضر أكثر من مرة مؤتمر قمة عربية كان من الواضح أن بعض المشاركين في المؤتمر لم يقرؤوا جدول الأعمال، ثم روى قصة ذلك الرئيس في تلك القمة العربية، الذي كان بمجرد انتهاء المؤتمر من التصويت على قرار يلتفت إلى وزير خارجيته فيسأله: على ماذا وافقنا؟.
(بين قوسين)
ليس مهما أن نرى معالي «الوزير» أو سعادة «المسؤول» معتليا كل منصة ليخطب بنا.. فالخطابة ليست من صميم عمله إذا لم يكن وزيرا أو مسؤولا للإعلام!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/07/05