بقرة غاندي وعجل ألسامري.. والزواج الاستراتيجي المقدس بين الهند وإسرائيل!
د. لزهر وناسي
في فاصلة تاريخية لافتة، و سانحة إستراتيجية فائقة، وغفلة عربية قاتلة، تتجه العلاقات الهندية الإسرائيلية إلى فصل جديد من التعاون المكثف اقتصاديا وتجاريا وتكنولوجيا ، ومرحلة فارقة من التقارب و التحالف المعمق سياسيا و أمنيا و عسكريا، بعد الزيارة التاريخية لرئيس الوزراء الهندي إلى إسرائيل ، التي تعد الأولى من نوعها لمسؤول هندي رفيع على هذا المستوى ، منذ الإعلان عن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دلهي وتل أبيب قبل ربع قرن من الزمان أو يزيد.
فالاستقبال بالأحضان الحارة ، من قبل نتنياهو لمودي، تشي بمدى اهتبال إسرائيل لهذه الفرصة الإستراتيجية الفائقة، في ميزان العلاقات الدولية لدولة أبناء النبي يعقوب ، وفي تعبير نتنياهو بقوله”… لقد انتظرناكم طويلا..”، أبلغ دلالة على حالة الإنتشاء التي شعر بها قادة الدولة العبرية ، من هكذا اختراق استراتيجي لدولة عملاقة مثل الهند ، تحصي خمس عدد سكان المعمورة، فضلا عما تنطوي عليه من آفاق أقلاع اقتصادي و تكنولوجي و صناعي واعد ، يخوض بلد البقر المقدس غماره بتقدم مذهل ، وتطور متسارع مطرد، على الصعد العالمية والدولية و الإقليمية.
فمنذ سبعة عقود ماضية ، و هند جواهر” لال نيهرو “، التي كانت بمثابة الضلع الأولى في مثلث الدول المؤسسة لنادي دول عدم الانحياز ، مع مصر جمال عبد الناصر ، ويوغوسلافيا جوزيف بريزتيتو ، ظلت بلد غاندي منحازة تحت يافطة الحياد إلى ما تراه الحق العربي في الصراع مع إسرائيل على فلسطين التاريخية ، في حين كانت جل الدول العربية ، تتسلل تسلل القطا، دولة بعد أخرى إلى نادي الدول المطبعة مع دولة الاحتلال الصهيوني ، خلف الأضواء تارة، و خلف شعارات الموت لإسرائيل ، التي تحولت إلى الموت لفلسطين ، والمجد والخلود والحب لإسرائيل أطوارا أخرى، حتى استفاقت بلد العجوز غاندي ، بعد عقود على واقع أنها ” ربحت العيب على باطل “، فبدأت بالهرولة على استحياء في بادئ الأمر ، إلى حيث مفاتيح الرضوان العالمي من بوابة تل أبيب ، ثم بالعدو السريع الصريح علنا، الذي جسدته في زيارة رئيس وزرائها – ناريندارا مودي- إلى إسرائيل ، أرض الميعاد والأنبياء وهيكل العولمة المفقود…
ولأن العرب ؛ مشغولون ومنشغلون عن أرض الإسراء والمعراج ، و أولى القبلتين ، بحروب داحس والغبراء ، وثارات عبس وذبيان المتجددة بينهم، وفاء منهم لتقاليدهم ، وعاداتهم الضاربة في صحرائهم ، التي عناها الشاعر الجاهلي في قوله: وأحيانا نغير على بكر أخينا…إذا لم نجد إلا أخانا.
تستمر إسرائيل في توسيع دائرة الدول المعترفة بها شرقا و عربا ، و تشبيك علاقاتها الإقتصادية و التجارية والأمنية مع القريب والبعيد والجيران بالجنب، معتمدة في ذلك على مزاياها النسبية في التفوق التكنولوجي و الإنتاج العسكري المعقد.
وإلى أن تنتهي حروب العرب مع العرب ضد العرب بعد أربعين سنة، قياسا على حروب النوق والجمال في جاهليتهم، هاهو العالم يشهد عقد قران استراتيجي بين بقرة غاندي و عجل السامري يضاف إلى الرصيد الاستراتيجي لدولة الاحتلال و هي قد ربحت خمس سكان الأرض إلى جانبها ، حينئذ سيستفيق العرب أو ماتبقى منهم على حقيقة، أن كل العالم تمر علاقاته عبر و مع إسرائيل ، و كل ذلك من أجل من سيكون له قصب السبق ، في الإلحاق بفسطاط حلف المعتدلين والمعترفين.
عساه يحظى بشهادة حسن السلوك والسيرة تجاه مملكة يهوذا، و بتوقيع الحاخام الأكبر في البيت ..
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/13