الأردن: غضبة عشيرة الحويطات والتداعيات الخطيرة المتوقعة
راتب عبابنه
يبدو مما ينشر من قبل الحويطات وغيرهم من عشائر معان بخصوص الحكم على ابنهم ابن الأردن بالمؤبد لقتله ثلاثة أميركان لم يمتثلوا لتعليمات دخول القاعدة الجوية، يبدو أن التصعيد والوعيد هما سيدا الموقف حيث الإجتماعات والتشاورات والإحتجاجات بهذا الخصوص بلغت أوجها وتم إصدار بيان شديد اللهجة يدعو عشائر معان أولا وعشائر الجنوب ثانيا وعشائر الشمال أخيرا للوقوف صفا واحدا وتشكيل لجان أزمة ومتابعة بهدف المطالبة بالإفراج عن ابنهم معارك التوايهة أو إحقاق العدل كما يطالبون.
بالتصعيد والتجييش واستنهاض الهمم بكافة مناطق المملكة والشعب معبأ ومحتقن من جور الحكومات وخصوصا الحالية وسابقتها، وهو يرى أن العدل مجرد اسم بلا مضمون والمساواة حلت مكانها الواسطة والمحسوبية والرواتب لا تكاد تكفي ثلث الشهر والضرائب تأكل دخل المواطن ولا قرار ينصف المواطن.، نخشى من أن تكون شرارة توقد نارا كما نخشى من حدوث تداعيات وصدامات تتولد منها هبة تموز.
نضيف لذلك أن التضليل والغموض يكتنف القرارات المصيرية وكأن الشعب ليس موجودا أو كأن الدولة تسوس وتحكم مخلوقات غير بشرية بلا عقول. هناك قناعة راسخة لدى المواطنين بأن الحكومة لا تحترم عقول وإنسانية المواطن وتعتقد أنه فاقد للمشاعر والإحساس بأنه فاقد للكرامة. تلك قناعات مترسخة بذهنية المواطن. ولكم أن تقدروا ردة فعل الأردني عندما تهان كرامته وينتقص من احترامه وهو ابن مجتمع عشائري له خصوصيته وحدودا لصبره ربما لا يعرفها ولا يدركها من عبثوا بها وقد اعتادوا على التصفيق والنفاق والمداهنة وأن ما تطاله أيديهم فهو حلال لهم وحرام على غيرهم.
كل ذلك وغيره سيدفع بالشعب للوقوف بصف الحويطات رغم أن الكثير من الحقائق قد تم تغييبها، إذ كان ما أعلنته الحكومة في البداية يتناقض مع الحكم الصادر وهنا الزيت الذي سكبته الحكومة على النار المشتعلة مسبقا، مما يزيدها سعيرا ويذكي الدوافع الكثيرة لدى الشعب للإتجاه نحو الحراك المقلق ونحن نمر بظروف لا نحسد عليها وفي وسط إقليم ملتهب نكتوي بلهيبه شئنا أم أبينا.
وإن لجأت الحكومة للقسوة بحجة الأمن والاستقرار وأن القضاء قال قوله وحسم الأمر، فذلك لن يجدي، بل سيكون استفزازا ودفعا باتجاه التصعيد والصدام والذي ربما ينتشر بباقي المحافظات، لا قدر الله، حيث الأسباب الموجبة متوفرة وكمنت طويلا على مضض وظروف تفعيلها قد تجهزت وبذلك نكون قد دخلنا بصراع ربما لا ينتهي إلا بما لا نرغب.
التروي مطلوب والحكمة ضرورة والتعقل مرحب به. ربما يظن المسؤولون أن هيبة الدولة تتحقق بالتمسك بقراراتهم وأن التراجع عن قرار غير مرض وغير شعبي يعد ضعفا يسجل على الحكومة. أليست الحكومات تشكل لتخدم الشعب وتبتعد عن كل ما لا يتوافق مع مصالحه؟؟ حقيقة، الهيبة تتحقق بالعدل والمساواة ومحاسبة الفاسدين ومنع الواسطة وعندما يتساوى ابن الحراث مع ابن المتنفذ وعندما لا توضع شروط وظيفة مفصلة حسب مؤهلات ابن فلان من المتنفذين.
تلك أمور لا يمكن للحكومة إغفالها وهي من صنعها وقد أنتجت نباتا من جنس البذرة. فلو كان العدل محققا لما أجمع الشعب على غيابه. ولو لم يوجد توريثا لما كان ابن الوزير وزيرا وابن العين عينا، هذا على سبيل المثال لا الحصر. فالشعب لا يشتكي من أمور بسيطة، ولا يطالب برفاهية أهل فنلندا، بل يشتكي من سياسات وقرارات تمضي بالبلد لما هو تحت الحضيض يقررها أناس متآمرون لا علاقة لهم بالأردن والشعب سوى نهب المقدرات حتى أفقروا الوطن وأعوزوا المواطن.
هذا هو واقعنا المرير الذي صنعه الوارثون أعضاء الدائرة الضيقة التي لا يشغلها إلا كم ستنهب وكيف ستجوع الشعب وكيف ستمضي بالأردن لأسوأ الحالات. تحمل الشعب الكثير وصبر طويلا، ولا يعني التحمل والصبر أنه غافل عن الخطايا التي ترتكب بحقه. وعند القول أنه يحافظ على الوطن بتحمله وصبره، فذلك له نهاية كباقي الأشياء وأظن أن النهاية اقتربت إذا لم تدار الأزمة بحكمة وبأسلوب يحقق المطالب ويصحح المسار ويصلح الحال.
نسمع عن الإصلاح ولا نلمسه. نسمع عن محاربة الفساد والفاسدون طلقاء ويعتلون بالوظائف ويتمتعون بالحماية. نسمع عن تفاصيل القرارات المصيرية من مصادر أجنبية والشعب مغيب. الناطق الرسمي يتحدث وكأنه لا يعيش بالأردن ولا ينتمي له ويبالغ بالمثالية الخادعة والدبلوماسية المضللة وكأنه يقول لن تعرفوا الحقيقة ما دمت ناطقا باسم الحكومة.
الناس محتقنة وغاضبة ولن يخرجها من هذه الحالة إلا الإصلاح الحقيقي والملموس وإلا تكون قد جنت على نفسها براقش. مطلبنا أن لا نقع بالفوضى وعدم الاستقرار رغم أن تفاديهما وإجهاضهما بمتناول اليد إذا صدقت النوايا. لقد حان الوقت لإشعار الناس بجدية المسعى للخروج من الوضع المزري الذي نال من المواطن حتى أهلكه ولا يرى بصيص أمل يدفعه للصبر أكثر مما صبر.
منذ ستة سنوات ونحن ننتظر ثورة ملكية بيضاء أطلق اسمها ولم تنطلق والأوضاع تزداد سوءا حيث القتل والانتحار والسرقة وتدني مستوى المعيشة أصبحت هي العناوين التي يتحدث بها الناس.
والحويطات هي إحدى عشائر معان التي لها تاريخ طويل مع الدولة من شعور بالتهميش والظلم وعدم مساواتهم بباقي المحافظات. وقد أُضيف لهذه القناعات لدى المعانيين قضية معارك التوايهة التي أراها تتسارع ويستعر لهيبها لتصطلي به إربد.
لقد آن الأوان للعمل الجدي والنافع للناس وإن أردنا تكريس الأمن، علينا بالعدل الذي هو أساس الحكم، إذ بدون عدل لا يدوم الحكم ولا بد للناس وإن صبرت طويلا أن تتحرك وتصرخ ليسمعها من يجب أن يسمع ويعي معنى الصراخ وإن لم يسمع ولم يستمع فالتبعات والله وخيمة وليس من الصعب إيجاد الحلول، لكن من يتولى أمرنا ليس منا ويعيش ببيت من العاج ينسيه ما في المدينة والقرية والبادية.
شعب يطلب الإصلاح ومحاسبة الفاسدين ليس شعبا متمردا أو ناكرا للجميل، بل شعب يطالب بحقه خوفا وحرصا على وطنه. دعكم من نظرة التعالي والفوقية ونظرية محمد يرث ومحمد ما يرث فهي تدمر الوطن وتقتل الانتماء وتقلب الولاء لعداء، فماذا أنتم فاعلون؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/21