معركة الأقصى وصواريخ المقاومة
د. فايز أبو شمالة
يتساءل البعض عن صواريخ المقاومة، أين هي؟ وما قيمتها العملية إن لم تكن جزءاً من معركة الأقصى؟ ولماذا لا تقصف تل أبيب بهدف توحيد المعركة، وتخفيف الضغط عن المرابطين أمام بوابات الأقصى، ويتساءل البعض بذكاء أو خبث: كيف سيكون رد المقاومة لو استهدف الاحتلال أحد قادة المقاومة، هل ستصمت الصواريخ، أم ستنطلق بالرد؟ وما يعني أن قادة المقاومة أغلى من المسجد الأقصى؟
قد تبدو التساؤلات مشروعة لو استنفذ الشعب الفلسطيني خياراته، وتعددت مواجهاته، وأضحى مئة ألف رجل يحملون السلاح، ويعملون مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية جزءاً من المعركة، كما حدث في انتفاضة الأقصى سنة 2000، حين صار ضباط وجنود الأجهزة الأمنية هم القادة الميدانيين للمواجهة، وهم الأجدر والأقدر على مواجهة المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية على مسافة صفر، ويمكنهم قلب المعادلة الأمنية الراهنة لصالح القضية الفلسطينية.
التساؤلات عن سلاح المقاومة يطرحها البعض من باب المناكفة السياسية، وغطاؤها المنطقي هو الانقسام السياسي، ولاسيما أن الجميع يدرك أن إقحام سلاح المقاومة الفلسطينية وصواريخها في معركة الأقصى سيضر بالأقصى في المرحلة الراهنة، ولن يدعم المرابطين، وذلك لأن قوة صواريخ المقاومة ستحرف البوصلة عن القدس باتجاه غزة، وهذه أكبر خسارة تلحق بالقضية الفلسطينية بشكل عام، وبقضية الأقصى بشكل خاص، فأي معركة مفتوحة بين الصهاينة وسكان قطاع غزة سيكون فيها عدد الشهداء بالعشرات، إن لم يكن أكثر، وستتوجه وسائل الإعلام إلى ساحات المعارك في غزة، وسينشد الرأي العام العربي والدولي إلى عدد شهداء غزة بعيداً عن عدد جرحى المواجهات في القدس.
وإذا نجحت صواريخ المقاومة في إغلاق مطار بن غوريون الدولي، وتمكن رجال المقاومة من ترحيل عشرات آلاف المستوطنين، وإذا نجح المقاومون في نقل المعركة العسكرية إلى داخل المستوطنات اليهودية نفسها، فمعنى ذلك أن الرأي العام الدولي والعريي وحتى الفلسطيني سينسى ما يجري في الأقصى، التي ستبدو صورتها باهتة وصغيرة أما أحداث المعارك العنيفة التي سيتورط فيها الإسرائيليون، وستنعكس على مجمل النشاط السياسي في المنطقة.
حتى الآن ينتصر الفلسطينيون في معركة القدس، ولأحداث القدس أهمية يجمع عليه الشعب الفلسطيني، وتلتقي على ضفاف صرخات المرابطين أحلام الأمة العربية، وتتحرك لهم الأمة الإسلامية، وهذا هو المطلب في هذه المرحلة، التي يخوض فيها أهل القدس معركة الأقصى، ومن خلفهم الدعم الجماهيري المنشود، والمتمثل بالمواجهة على الحواجز العسكرية، وعلى الطرق الالتفافية بهدف الربط الوثيق بين سلامة الأقصى وأمن المستوطنين الصهاينة.
وللتأكيد على الفكرة أقول: ألا ترون كيف انتقل الاهتمام الإعلامي بحادث السفارة الأردنية، وراح يطغى على خبر اعتصام المرابطين في شوارع القدس، وذلك رغم العلاقة الوثيقة بين حدث السفارة الصهيونية في عمان والمواجهات في المسجد الأقصى، بل ورغم تفاعل الجماهير العربية مع كل حدث يتعلق بعدوهم الصهيوني، فكيف لو كان الذي يجري هو حرب مفتوحة على كل احتمال، سيحسن الصهاينة استثمار وقتها لتغيير معالم المسجد الأقصى.
إن تكميم أفواه صواريخ المقاومة في هذه المرحلة لا يعني التخلي عن الواجب، ولا يعني تجاهل العدوان الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية، ولا يعني الخوف من مواجهة العدو الإسرائيلي، بقدر ما يعني أن لكل مرحلة من مراحل المواجهة مع المحتلين أدواتها، والأدوات الصحيحة لهذه المعركة هي إرادة الإنسان في شوارع القدس، والتحدي الصارخ لأمن المستوطنين في الشوارع الالتفافية، هنالك حيث ساحة المواجهة الموجعة للاحتلال، ساحة الضفة الغربية، أما صواريخ المقاومة فإنها جاهزة، وتنتظر احتدام المواجهات لتدوي بالكرامة في سماء فلسطين.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/26