الأردن: هل أبقيتم من الكرامة شيئا؟
راتب عبابنه
حادثة السفارة لو حصلت في أرض الصومال لما انتهت بهذا الشكل المهين، مع احترامي للصوماليين وحكومتهم ورئيسهم. هل تبقّى معنى لشعار “ارفع راسك أنت أردني” الذي رفعه الملك نفسه؟؟ هل بقي معنى للقب “النشامى”؟؟ هل بقي معنى لوجود الحكومات وهي بالمقام الأول تعمل ضد المواطن؟؟ أليس الملقي يرأس حكومة متخصصة بالجباية بامتياز وبشهادة كافة الأردنيين؟؟ أليس القاضي رائد زعيتر قتل بدم بارد منذ ثلاث سنوات وما زال “التحقيق المشترك” مستمرا دون إطلاع الرأي العام على ما نتج لغاية الآن، بينما صهيوني قتل أردنيين وينتهي التحقيق بأقل من أربع وعشرين ساعة ويغادر طاقم السفارة؟؟ ألم يتصل الملك برئيس وزراء الدولة المعتدية ويبحث معه ما يدور في الأقصى في الوقت الذي يعد به عودة الجاني ويقول أن لهم تجارب سابقة؟؟
ما الذي يجعل هذا الصهيوني يتحدث بهذه الثقة والفوقية مستهترا بالأردن وشعبه وضامنا للنتائج وقد حصل له ما أراد؟؟ وزير الداخلية وأمام النواب يتحدث وكأنه محامي للصهاينة ويبرر قتل الأردنيين واضعا اللوم عليهم. ادعت دولة الاحتلال وحسب وثائق فيينا بعدم جواز التحقيق مع الجاني بسبب الحصانة الدبلوماسية، بينما أكد صالح العرموطي وهو المحامي الجهبذ بعدم صحة ذلك.
جعلتم من أبو تايه مجرما والجواودة والحمارنة معتديان والعمرو إرهابيا وشرطي ماعين أيضا وزعيتر لا بواكي له ونسيته الدولة. ألا تخجلون من أنفسكم؟؟ هل نضب مخزون الحياء لديكم أم أنكم فاقدون للحياء؟؟ لقد دنستم كرامتنا وانحدرتم بخذلانكم واستهانتكم لأسفل درجات الانحدار. تصنعون صنائعكم وتعلمون أن الشارع يغلي احتقانا وغبنا وقهرا من بشاعة سياساتكم وسوء أدائكم. لقد دفعتم بالشعب لاحتقاركم وكرهكم إذ لا تتورعون ولا يردعكم واجب ولا تعيقكم أخلاق ولا توقفكم إنسانية عن فعل ما يحلو لكم، فأنتم تجردتم من كل ذلك.
المومني والصفدي خرجا علينا بمؤتمر صحفي إنشائي لم يقدم ولم يؤخر ولم يجلي الحقيقة وجل كلامهما يعطي المبرر للصهيوني بالقتل. تدخلت أمريكا وجاء تدخلها ليزيد من غليان الشارع بعد أن رضختم لمطلبها. ومؤتمرهما لم يضيف جديدا بقدر ما كان جبرا للخواطر وذرا للرماد. الخبير والفقيه القانوني الدولي د. محمد الحموري أكد أن كل قوانين الحصانة الديلوماسية “لا تمنع من تطبيق قانون الدولة المستضيفة على من يقترف جريمة”، موضحا أن ” لا يوجد في القوانين والإتفاقات الدولية على الإطلاق ما يمنع القبض على متهم دبلوماسي والتحقيق معه ومحاكمته”.
ربما تتعلل الحكومة بداخلها بالمثل العامي “اللي بدري بدري، واللي ما بدري بقول كف عدس″ أي أن هناك ما لا يمكن كشفه للشارع من ضغوط واعتبارات سياسية ومصلحية. ردنا يأتي على شكل تذكير بأن من تهون عليه نفسه مرة تهون عليه مرات وهذه المرة أحدها. لكن عندما يتعلق الأمر بحياة مواطن أردني ويقتل بدم بارد من قبل صهيوني متغطرس لا يحترم البروتوكولات الدبلوماسية والقوانين القائمة في البلد المضيف، فذلك أمر مختلف ولن يغفر الشعب تخاذلكم واستكانتكم وتفريطكم بحقه لكي ترضى عنكم إسرائيل وأمريكا. فأنتم تديرون البلد وكأن الشعب بهائم لا عقول لهم ولا حقوق بينما الدول الأخرى تقر بحقوق الحيوان أكثر مما تقرونه أنتم للإنسان.
لقد جعلتم الكفر بكم وبسياساتكم إيمانا راسخا وأنتم تقدمون التنازل تلو الآخر. فلا أسف عليكم إن ذهبتم وإن اجتثت جذوركم وقد كنا نقنع أنفسنا مرة بضرورة الاستقرار وأخرى بالأمن، لكن ذلك لم يجد تقديرا ولم يصلكم صداه وأنتم غافلون بمصالحكم وإن صحوتم فصحوتكم توجهكم نحو التغول والنهب والسرقة وصناعة قوانين كبلتنا وقيدتنا حتى أصبحنا نتمنى زوالكم وهلاككم.
كرامتكم تمرغت بالتنازلات ولم يبق لكم منها شيئا وصرتم ألعوبة بأيدي غيركم. الإنسان أغلى ما نملك، إرفع راسك أنت أردني، وكلنا الأردن والأردن أولا وغيرها من الشعارات التخديرية التي تدغدغ العواطف أفرغتوها من معانيها ومن العار عليكم ذكرها فلم نعد نصدقكم ولم نعد نحترمكم ولم نعد نأبه لألاعيبكم. ترون العيب والخطيئة وتشيحون بوجوهكم بعيدا لعجزكم الذي جنيتموه بأيديكم ظنا منكم بأن التحضر والتقدم يتحققان بالتذلل للغير واللهاث خلفه والغير لا يكترث لكم لأنه ضامن لحاقكم به بعد أن ابتاعكم وجردكم من كرامتكم.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/07/28