حقيقة داعش وأسرارها
شاهر النهاري
نشرت مؤسسة (فورن بوليسي) الأمريكية أكتوبر سنة 2014، تقريرا مفصلا عن التحالف الدولي المشارك في محاربة داعش في منطقة العراق والشام، والبالغ 59 دولة، مبينا فيه تعداد القوات، وحجم وأنواع الآليات، والمساهمات اللوجستية والمادية لكل دولة منها.
ويقدم التقرير التغيرات والتطورات الرئيسية في التزامات شركاء التحالف، وتواريخ الضربات الأولى من قبل كل دولة تشارك في الحملات الجوية، ومجموع المساعدات الإنسانية التي ساهم بها أعضاء التحالف، وتحديد البلدان التي سمحت للتحالف باستخدام أراضيها، وبحارها، وأجوائها.
ويعتبر الحلف خليطا عالميا من الدول العظمى مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا.
وكان بينها دول عربية مثل السعودية ومصر، ولبنان، والإمارات، والبحرين، والأردن، والكويت، وقطر، والمغرب، وعمان.
وبينها دول بعيدة تخشى على مستقبلها من هذه الآفة، مثل سويسرا والنمسا، وألبانيا، وأستراليا، وبلجيكا، والنرويج، وكرواتيا، وبلغاريا، وكندا، وقبرص، والتشيك، والدنمارك، وأستونيا، وفنلندا، وجورجيا، واليونان، وهنجاريا، وآيسلندا، وأيرلندا، وكسوفوا، ولاتفيا، وليتوانيا، وأوكرانيا، وبولندا، ولوكسمبورج، ومقدونيا، ومولدافيا، والجبل الأسود، وهولندا، ونيوزيلندا، والبرتغال، ورومانيا، وصربيا، وسلوفاكيا، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وسلوفينيا، والسويد. وكان بينها دول مجاورة مستفيدة مثل إيران.
تجمع عالمي عجيب،اقتنع بخطورة داعش، أو أن له رغبة في المشاركة تحت غطاء هيئة الأمم المتحدة، لدخول التاريخ مع الأبطال المحطمين لهذا الشر المستطير الذي لم يعد يهدد العراق والشام فقط، ولكنه يزعزع أمن جميع دول العالم، بتكوين الخلايا النائمة، ونشر الذئاب المنفردة، وغسل عقول المتوشحين بالأحزمة الناسفة، وحاملي الخناجر الغادرة، والداهسين بالعربات الحاقدة، مما يفاقم الخسائر البشرية، والمادية، والنفسية عالميا، ويجبر على تحولات جذرية في خطط الأمن الدولية، والتي تثبت مع كل حادثة وجود الخلل والنقص، مهما حرصت الدول على تطوير قدراتها.
ورغم مرور عدة سنوات على بدء أعمال هذا الحلف، إلا أن داعش ما تزال موجودة، ولو على شكل هجمات عشوائية على المناطق المحررة، ونشر أفرادها في الآفاق، وتمتعها بوجود قوي في الفضاء الالكتروني، وعدم توقفها عن مزاولة عمليات غسيل المخ، والتجنيد، والتدريب، والتخطيط، وتنفيذ العمليات الإرهابية، في مختلف أنحاء العالم.
والحقيقة أن الأسئلة عن كنه داعش تتصاعد:
1. فهل جميع دول التحالف صادقة فيما تفعل، أم إن للبعض منها أغراضا خفية؟
2. ألا تمتلك بعض الدول العظمى حقائق موثقة عن نشأة داعش، أم إن هنالك خشية من عواقب إظهارها؟
3. لماذا لا تشدد التحقيقات للإفصاح عن المسؤول الحقيقي أو المسؤولين عن تكوين داعش، وعن دعمها بهذا البذخ، قبل أن يقوم الفاعل بتصفية قياداتها المطلعة على الأسرار، وطمر الأوراق والخيوط؟
4. هل مجرد المشاركة في الحلف، ودفع بعض الأموال، أو إرسال بعض الأسلحة والقوات، ينفي تهمة تكوين داعش عن مقترفيها؟
5. هل المنظمات الدولية، مثل مجلس الأمن، وهيئة الأمم المتحدة تجهل فعليا حقيقة ما يحدث، أم إنها تدري وتتجاهل، فتكون المصيبة أعظم؟
أسئلة كثيرة تعن على مدارك ووعي وضمير البشرية المغيبة، ويبدو أن اللعبة أكبر من أن تنتهي بوضوح الجرم والمجرم، وبمعاقبة المتسبب والمعين والمتواطئ، وأنها ستظل تاريخيا مناطق تخمين وحكايات وأساطير وادعاءات ومؤامرات يبدع في صياغتها لسان الزمن الحائر المبهم.
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2017/09/10