حراك 15 سبتمبر محاولة جديدة لمعارضة شعبية في السعودية
كمال خلف
تتزايد الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للتجمع يوم 15 من هذا الشهر في السعودية للتعبير عن المعارضة الشعبية للأسرة الحاكمة في السعودية وسياسيات السلطة، ومن الصعب على أي متابع أن يتنبأ بحجم هذا الحراك في داخل المملكة على أرض الواقع، رغم أن الحراك والدعوات إليه تبدو كبيرة جدا في الفضاء الافتراضي. إلا أنه ليس من السهل أن يترجم هذا الكم على أرض الواقع في السعودية. فالنظام يحكم بقبضة حديدية ولديه كافة الإمكانات واستطاع بها أن يجهض دعوات مشابهه.
لا تبدو مطالب الداعين والمتحمسين للمشاركة في الحراك الشعبي موحدة ، فهي متفاوتة بين إنهاء حكم الأسرة السعودية للمملكة ، وبين مطالب معيشية تتعلق بالسكن والتوظيف ومستوى المعيشية.
هناك مايصب في مصلحة الحراك ويجعله مفصلا في الحياة السياسية في السعودية وبداية حقيقية لصداع وازن للأسرة الحاكمة . أوله التغييرات التي تحصل داخل السعودية والتي أخذت شكل الصراع العلني داخل أسرة آل سعود وبين إمرائها.
كان خبر عزل ولي العهد محمد بن نايف ومن ثم وضعه في الإقامة الجبرية خبرا صادما للشارع السعودي كما العربي ، ثم مداهمة قصر الأمير محمد بن فهد في جده واعتقاله بأمر من ولي العهد الجديد محمد بن سلمان ، بينما تحدثت تسريبات عن استعصاء قائد الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز في منصبه بعد تردد أنباء عن محاولات عزله . انطلاقا من هذا قد يكون نجاح حراك 15 سبتمبر يصب في مصلحة أجنحة داخل الأسرة السعودية لفرملة طموحات وتصرفات ولي العهد محمد بن سلمان.
وما يمكن أن يدعم هذا الحراك التعقيدات التي تمر بها السعودية على الصعيد الخارجي.
كان دفع السعودية للرئيس ترامب مبلغ 450 مليار واستقباله بحفاوة مع ابنته محل سخط لدى كثير من السعوديين الذين يلمسون حالة التقشف في معيشتهم بينما تذهب مليارات إلى جيب الرئيس ترامب . وبعدها جاءت الأزمة مع قطر لتفتح على المملكة حملة إعلامية شرسة قادتها أمبراطورية قطر الإعلامية واذرعها ، لم تترك خلالها ما هو مستور. بالتوازي مع كل ذلك تطول حرب اليمن وتكثر التساؤلات عن جدواها ونتائجها على المملكة، وتكثر معها الصور الصادمة لضحايا العدوان من أطفال ونساء وصور الجوع والمرض الذي يفتك بشعب عربي مسلم.
ومابات مؤكدا أن السعودية خسرت حربها في سوريا، ورمت بكل ثقلها في صراعها مع إيران دون نتائج . ومن بعيد يلوح شبح قانون ” جاستا” الأمريكي ، بينما تعاني الأيدلوجية الوهابية من اتهامات بالوقوف خلف تفريخ التطرف الإسلامي.
كل ما ذكرناه آنفا قد يعطي الحراك الشعبي السعودي المعارض زخما وأسبابا ليكون حراكا مختلفا ومؤثرا.
في المقابل فإن تجربة دعوات الحراك السابقة في المملكة لم يكن لها رصيدها في الشارع في أرض الواقع ، وظلت كل المحاولات تسبح في العالم الافتراضي وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. كما تفتقر تلك المحاولات لقيادة تنظيم عملية التحرك و مطالبه وأهدافه وبرنامج عمله ليس ثمة زعماء شعبيين أو رموز معارضة يهتدي بهم النشطاء والمتحمسون للتغيير.
المؤسسة الدينية صاحبة النفوذ في المجتمع السعودي المتدين تقف ضد مثل هذه الدعوات وتعتبرها محرمة وخروجا عن طاعة ولي الأمر. في وقت ينظر فيه الشعب السعودي كما الشعوب العربية إلى تجارب الدول العربية المجاورة المريرة والدموية والمدمرة وتخشى أن يصيبها ما أصاب سوريا أو العراق أو ليبيا.
التحالفات التي تربط المملكة بدول إسلامية وعربية وغربية قد تمكنها من تشكيل غطاء دولي بسهولة لقمع أي تحرك داخلي، فكل جرائم حرب اليمن التي ارتكبتها السعودية حتى الآن لم تجد من يوقفها.
نضيف إلى ذلك امتلاك السعودية لوسائل إعلام فاعلة داخل المملكة وخارجها تستطيع تشويه أي حراك ومواجهته. بينما قد لايجد التحرك الشعبي السعودي احتضان إعلامي خشية من السعودية أو تحالفا معها، وكانت تجربة اقتحام العوامية قبل شهر في المنطقة الشرقية في السعودية نموذجا.
بعض النخب السعودية تضع اليوم هذه الدعوات في إطار مناكفة قطر للمملكة في الأزمة الراهنة بينهما، ومحاولة مضادة لتشكيل السعودية معارضة قطرية فاعلة ضد الأسرة الحاكمة في قطر . لا نستطيع الجزم أن كان هذا صحيحا. الواضح برأينا أن هناك مشكلة داخل السعودية بعيدا عن تأثيرات قطر أو غيرها.
سننتظر يوم 15 أيلول سبتمبر لنرى أن كانت عوامل النجاح ستكون الأقوى أم عوامل الفشل.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/09/12