لصالح منّ يلعب عنصر الوقت في حرب اليمن؟
طالب الحسني
في آخر مقابلاته التلفزيونية في الـ 25 مايو 2017 قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في ما يتعلق بحديثة عن الحرب على اليمن أن الوقت لصالح التحالف الذي تقوده السعودية أي أنه جزء من رهانه كوزير للدفاع ومسؤول عسكري رئيسي في إدارة هذه الحرب المرهقة لبلاده هو تآكل الجبهة العسكرية لتحالف أنصار الله وحزب الرئيس الأسبق صالح.
السعودية تؤمن حد اليقين أن صلابة القوة العسكرية لتحالف صنعاء واستمراره هو الدعم الذي تتلقاه من “إيران” ولذلك فهي تدفع باتجاه إغلاق أو السيطرة أو الإشراف على ميناء الحديدة غرب اليمن باعتبار أنه قد يكون أحد منافذ وصول السلاح والمساعدات العسكرية إلى اليمن، رغم الحصار المحكم التي يفرضه التحالف منذ بدء العدوان، هذه الثقة وحدها تكشف أن حسابات السعودية وحلفائها غير دقيقة ، وأن تعليق فشلها في اليمن على الشماعة الإيرانية هروب من الاعتراف بالحقيقة.
رهان الأمير محمد بن سلمان على الوقت عسكريا جاء بنتائج معاكسة ، فهذا الوقت الذي يراهن عليه ، كان سلاحا فعالا استخدمه تحالف أنصار الله والمؤتمر والقوى المناهضة للعدوان ، وسمح بأن تفتح معسكرات جديدة وتكثف من التجهيزات العسكرية والتعبئة العامة وان تحصل على قوة أضعاف ما كانت عليه في الأسابيع الأولى من بدء “عاصفة الحزم” وهذا يعني أن الذي استفاد ولا يزال يستفيد من الوقت ليس السعودية قطعا.
مخزون الصواريخ هو الآخر يبد أضعاف ما كان عليه وخصوصا بعد أن كشفت القوة الصاروخية في صنعاء لأكثر من مرة عن تطوير عدد من المنظومات الصاروخية المتنوعة وإدخالها ضمن معركة الردع ، فضلا عن أن ما تأكد فعليا أن التحالف الذي تقوده السعودية فشل في القضاء على القوة الصاروخية التي كان يمتلكها الجيش اليمني ، كل هذه مؤشرات واضحة ان الاستعدادات العسكرية لصنعاء تتصاعد وتتعاظم ، وأن التصريحات التي يطلقها تحالف أنصار الله والمؤتمر والإصرار على مواجهة العدوان كخيار لا بديل عنه ، تستند على ثقة وإعداد وليس كلاما للإعلام ، وما يؤكد هذه المعادلة أن خارطة المواجهات الميدانية بين تحالف أنصار الله والمؤتمر من جهة والقوى التي يدعمها تحالف السعودية من جهة متوقفة عند خطوط معينة ، ولم تتمكن هذه الأخيرة من اختراق أي تقدم ميداني يفتح آفاق للسعودية بأن تتجه نحو السيطرة على مزيد من الأرض رغم الإسناد الجوي الذي يوفره طيران التحالف والدعم والتمويل العسكري غير المحدود.
وزير الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء اللواء الركن محمد ناصر العاطفي زار خلال أيام عيد الأضحى الجبهات المشتعلة في الحدود الجنوبية للسعودية ووصل إلى الخطوط الأمامية للجيش واللجان الشعبية في جيزان وعسير الحدودية ، ووعد من هناك بأن تشهد الأسابيع القادمة عمليات عسكرية نوعية ، هذه المناطق لا تهدأ وتشهد بشكل شبه يومي سقوط قتلى في صفوف الجيش السعودي ، وأن كانت السعودية لا تعترف بخسائرها هناك بشكل دقيق إلا أن التقديرات تؤكد مقتل من 5 – 10 جنود سعوديين أسبوعيا ، هذا الرقم مخيف بالنسبة للسعودية وعامل قلق دائم ، فما يحدث هناك هي حرب استنزاف للسعودية في منطقة جغرافية تخدم القوات العسكرية اليمنية ، وترهق الجنود السعوديين وبعض المجاميع التي دفعت بهم السعودية لمساندة جيشها ومن بينهم قوات عسكرية سودانية ، الحرب في هذه المناطق تحدث في مئات الكيلو مترات ، أي في منطقة مفتوحة من الصعب أن يفرض التحالف السعودي وطيرانها أن يفرض حماية لها، ولعل الزيارة التي قام بها الجنرال جوزيف فوتيل قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط، في الـ 23 من أغسطس 2017، إلى منطقة جيزان على الحدود اليمنية-السعودية، لإلقاء نظرة مباشرة على معركة السعودية ضد الحوثيين وحلفائهم من الجيش اليمني بحسب وكالة “اسوشييتد برس” الدولية، لم تأتي من فراغ.
الرهان السعودي على الوقت ، رهان خاسر وجاء بنتائج عسكية ، والأسعتراض العسكري والمناورات شبه الأسبوعية للقوات الملتحقة بمعسكرات مواجهة العدوان في تصاعد والآمال السعودية والتحالف على الحسم العسكري أغلقت منذ زمن وآخر المتحدثين عن ذلك السفير البريطاني الجديد لدى اليمن سايمون شيركليف الذي دعا للعودة إلى المسار السياسي والمفاوضات ، واستبعد الحل العسكري ؛ فهل لا يزال محمد بن سلمان يراهن على الوقت ؟! وهل يتابع المناورات العسكرية والتدريبات التي تنفذها القوات العسكرية التابعة لتحالف أنصار الله صالح بشكل دوري ؟!
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/09/13