من يقتل ومن يتحسر؟
عبده خال
كثيرة هي المبكيات إلا أن أكثرها ألما طعنة الابن أو الأخ أو ذوي القربى.. إذ يمكن لأي إنسان تحمل إيذاء الآخرين بجلد إلا أن طعنة القريب يكون نصلها أعمق وأثرها لا يندمل..
فما الذي يحدث؟
سؤال يمكنك إطلاقه في كل حين وفي اتجاهات شتى.. نعم: ما الذي يحدث من متغيرات جذرية في أنواع الجريمة المختصة بسفك الدم؟
في أسبوع واحد قفزت ثلاث جرائم قتل كل منها تنافس الأخرى على تصدر القائمة لما لها من قوة تأثير وبشاعة..
وأن يقدم شاب على دهس أمه متعمدا ويصر على إيصال جرمه لإخوته كهدية بر لتلك المرأة التي حملت وربت وسهرت لتكون نهايتها على يد أحد أبنائها... فهذه هي الكارثة..
أو أن تكون نهاية إنسان على يد شقيقه، أو تكون على يد الأب، أو أن تتبادل الأسرة إنهاء بعضها بعضا، فهذه الحوادث ليست جرائم فحسب بل هي خلل اجتماعي يجب استدراك مسبباته، وأن تعمل المؤسسات ذات الاختصاص لتتبع مصادر هذا الخلل، إذ لا يمكن إرجاع المسببات إلى الأمراض النفسية أو الاحتماء بها عندما نشاهد أو نسمع عن هذه الوحشية التي اعترت الأفراد ولا يمكن تهوين جريمة من هذا النوع وتحميلها أيضا لضعف الوازع الديني..
إن التجاء الباحث في تحديد المسببات الجاهزة والتي لا تحتاج إلى عناء كأن يقال: يحدث هذا بسبب المخدرات أو المشاكل الأسرية أو ضعف الوازع الديني، إن هذه الكليشات تخفي حقيقة أن المجتمع يمر (في تغيره) بمنحنيات خطرة لم تستوعبها المؤسسات المقيمة لسلوك الفرد، أو المعنية بالمتابعة والمعاقبة، أو استنباط أثر الحياة اليومية بتشابكاتها وما تحدثه من أثر على المجتمع..
وخطورة هذه الجرائم أنها تهز القيم الجوهرية للأسرة بالتعدي على جوهر وجودها.. وما لم يتم تكثيف الدراسات بحثا عن إرساء قيم تتوازى مع سرعة كل متغير.. أن تمضي الدنيا بعجلتها في احداث أحداثها يكون لزاما متابعة الأسباب التي تفضي لهذه المآسي.
ويمكن التقدم خطوات في هذا الجانب عندما يحدث تقاطع ما بين الشارع وردهات الجامعات وقاعات الدرس وأن لا يكون هناك تراخ في أي شيء..
ولا زال الناس في حالة سلم ما لم تتعرض بنية المجتمع لهذه الخروقات المتقدمة.. فأن يموت الإنسان بيد ابنه نكون نحن على قارعة الجنون وليس أمامنا إلا حمل دمائنا وفجيعتنا.
صحيفة عكاظ
أضيف بتاريخ :2017/09/19