أنت تكون ممانعا اليوم
سامي كليب
في سياق الدعاية السياسية الهادفة إلى تشويه سمعة الخصم، درجت منذ سنوات عبارة "جماعة الممانعة". باتت بمثابة تهمة تُلقى ضد كل من يقول أنه ضد غطرسة إسرائيل وضد المشاريع الأجنبية الهادفة إلى سرقة خيرات وكرامة العرب وضد التطبيع والخنوع والاستسلام ...ولكي تترسخ التهمة في اللاوعي الجماعي، صار كل متهم بالممانعة مقرونا بأنظمة يتهمها الغرب بالدكتاتورية..أي أنك إذا كنت ممانعا، فأنت طبعا مع الرئيس السوري بشار الأسد وأنت فارسي وصفوي وشيعي وتتبع لولاية الفقيه ...إذا أنت ضد التقدم والديمقراطية والحريات ، إذا أنت منبوذ.....
الواقع أن أصحاب هذه التهم غرقوا بفخ دعاية تم العمل عليها بإتقان من قبل أولئك الذين يشتغلون ليلا نهارا لكسر معنويات منطق المقاومة في الوطن العربي، أي المنطق الذي لا يزال مستوطنا في قلوب العرب من القدس وغزة إلى الجزائر والرباط ونواكشوط.
دعونا نوضح الأمور التالية :
أن تكون ممانعا اليوم، فهذا يعني أنك ضد مشاريع تقسيم المنطقة...فهل رفضوا الممانعة هم مع هذا التقسيم ؟
أن تكون ممانعا اليوم، إذا أنت إنسانيا وسياسيا وأخلاقيا ضد ظلم إسرائيل لشعب فلسطيني مقهور وضد غطرستها وغرورها وجرائمها...فهل رافضو الممانعة هم مع إسرائيل؟
أن تكون ممانعا، فأنت ضد سرقة خيرات العرب ، وتريد للوطن العربي أن يستعيد كرامته ويحافظ على ثرواته وينهض بمشروع تنموي كبير ....فهل رافضو الممانعة هم مع هذه السرقة ...؟
وأضيف على ذلك هو أنك حين تكون ممانعا ، فأنت ضد التسلط، وضد الدكتاتوريات، وضد قمع الناس وإفقارهم، وضد الفساد ومافيات المال ....لكن أن يأتي الآخرون لنا بربيع مشبوه هدفه تغليب طرف على طرف وزرع الفتنة في أوطاننا لسهولة الهيمنة عليها، فهذا يفترض ممانعة .....فهل رافضو الممانعة هم مع الفتنة؟
حين يستشهد طفل فلسطيني وهو مرفوع الرأس لرفع الظلم عن أهله، هل هو شيعي وفارسي وصفوي وإيراني؟
حين ينزل الجزائريون والمغاربة والموريتانيون عن بكرة أبيهم دعما لفلسطين أو المقاومة، هل هم أنصار ولاية الفقيه ؟
أما أن ترتبط تهمة الممانعة بالفارسية ، فحبذا لو يعرف المتهمون حقا حضارة الفرس وعراقتها وتمازجها مع الحضارة العربية ؟ وحبذا لو طورنا كعرب علومنا كما طورتها إيران، وحبذا لو أننا نفاوض من منطق القوة كما فعلت إيران....شتان ما بين ذل مؤتمرات مدريد وأوسلو وتوابعهما وما بين مفاوضة طهران على برنامجها النووي مع الغرب ..
إن الممانع هو عربي بامتياز، لا فرق عنده بين مغربي وجزائري وموريتاني وسوري وعراقي وليبي وكويتي وفلسطيني ولبناني....الخ ، إلا بما يقدمه للإنسان ولرفع الظلم ولشيء من كرامة ...
فبالله عليكم ، لا تلقوا بتهمة هي وسام على صدور من لا تزال عندهم بعض كرامة ......وإذا كانت هذه هي الممانعة فنحن ممانعون ونفتخر......
بين الممانعة والمخانعة فرق كبير ....
أضيف بتاريخ :2017/09/24