المعكر الصهيو أمريكي لن يقفز للخيارات الأصعب دون استنفاذه للأسهل والأسلم..
فؤاد البطاينة
.. وجهته القادمة إلى “ربيع عربي” في لبنان والتهديدات لإيران تحذيرا من تدخله في المشهد اللبناني القادم
ماذا ينتظر لبنان والمنطقة من الأزمة الطازجة الصنع ومرامها. التحليلات كثيرة وما زالت تقوم بشكل رئيسي على التصريحات والقرائن وعلى شكل الحدث لشح المعلومات.
ومع أن تحليلات نصر الله هي الأقرب للصحة لامتلاكه للمعلومات التي قد لا يمتلكها غيره من المحللين إلا أنه نأى بنفسه عن استكمالها او الخروج بنتيجة محتمله، فمع أنه استبعد العمل العسكري بناء على معطيات صحيحه ذكرها فإنه لم يتطرق في حساباته إلى خيارات إسرائيل وأمريكا أمام تلك الحسابات، فنحن لا نستطيع أن نحكم باستسلام المعسكر الصهيو أمريكي وعدم بحثه عن مخارج لتحقيق هدفه في التخلص من حزب الله واخراج إيران من سوريا كمطلب أساسي لهم على صعيد الأزمة السورية والمخطط الصهيوني، ولا نستطيع أن نحكم بعبثية ما يجري في السعودية وتهديداتها التي تجاوزت حزب الله إلى لبنان والمسنودة من إسرائيل ، ولا أي من الاحتمالات حتى لو كانت حسبتها بعيده.
نستبعد تماما وصول إسرائيل في هذه المرحلة إلى حالة “عليَ وعلى أعدائي” وسياستها الاستراتيجية أن لا تصل لهذه الحالة، ونستبعد لجوء المعسكر الصهيو أمريكي إلى الخيارات الأصعب والأقل أمانا قبل استخدامه للخيارات الأسهل والأكثر أمانا، لكننا لا نستبعد لجوء إسرائيل لخيارات مؤلمة لها للخروج من وضعها المكبِل لحركتها والمذل جدا لها ولمستوطنيها والقائم على امتلاك حزب الله لآلة الردع وللعزم في استخدامها، وكما نستثقل بنفس الوقت تقبل المرحلة لفكرة القفز إلى المواجهة العسكرية مع إيران أو حتى مباغتتها لأن إيران موجوده أيضا خارج حدودها، فلن يمنعها شيء آنذاك من توجيه ضربات لا تحتملها إسرائيل سواء كانت ضربات إيرانية مباشرة أو من جزب الله، ونستبعد بشكل عام أي حرب عسكريه أجنبية أو عربية على لبنان، فماذا يمكن أن يتبقى لإسرائيل من خيارات تسبق خيارات الصفر والمتمثلة بشن حرب غير مقبولة ولا حكيمة ستشمل الجميع وتطال الجميع.
هنا علينا أن نتذكر بأن الصهيونية تركت نهج المواجهة العسكرية المباشرة لتحقيق أهدافها في الدول العربية، واعتمدت اسلوب استخدام العرب للحرب على أنفسهم في داخل دولهم، وهو أسلوب ناجح جدا ويحقق أهدافا لا تحققها الحرب الخارجية والمباشرة، كما أنه أسلوب غير مكلف سياسيا وماليا وبشريا لها، وقد كان الربيع العربي الذي ابتدأت الصهيونية باستخدامه في مصر هي الوسيلة أو الألية لذلك الأسلوب، وقد أبدع هذا الربيع في تعميم الفوضى السياسية والأمنية والجغرافية وفي تدمير الذات والجيوش العربية، وكان مفتاحا ذهبيا لاستخدام الإرهاب في تعزيز هذا الهدف وتدويل الأزمات العربية.
فالمؤشرات تتجه إلى مواجهة حزب الله عن طريق “ربيع عربي” في لبنان يُحدث الفوضى السياسية والجغرافية والعنف والإرهاب فيها وخلق أزمة وتدويلها وفرض واقع جغرافي جديد فيه لمحاصرة وعزل المقاومة جغرافيا.
وعلينا أن نتذكر بأن شخصيات لبنانية سياسية فاعله قد استدعيت للسعودية قبل استدعاء الحريري ومنهم أشرف ريفي وسامي الجميل وجعجع، وبالمقابل تبدو اللعبة مكشوفة للبعض في لبنان نتلمسها في لقاءات عالية المستوى مع مفتي لبنان الذي لم يكن رقما سمنيا، كون اللبنانيين جميعهم خاسرين في تلك اللعب.
ونتذكر بأن لا حكمة ولا حكماء عرب تقليديين أو مرتبطين بأدبيات الصراع العربي الصهيوني باتوا موجودين أو ذي قيمه، وأن التيار الشعبي والنخبوي اليساري والقومي على صعيد الوطن العربي بات مشلولا وموزع الولاءات والاصطفافات ولا يقوم بدور سياسي وتوعوي فاعل يوازي مستوى وحجم المؤامرة التي تستخدم شعوبنا لها.
ويقابل ذلك محمدين يمتلكان ثروة الأمة ويقودانها بتحالف لا يبدو له حدود مع المعسكر الصهيو أمريكي.
أقول أن الامة في حرب رحاها في داخل دولها وميزانها العسكري والسياسي لصالح العدو، ولكنه لم يستطع للأن حسمها وعيونهم تتجه إلى لبنان لحسمها كخيار أسهل وأسلم في مخطط يستهدف إيران وحزب الله فيها ومنها.
ومن المرجح أن لا تخرج التهديدات المشتعلة ضد إيران عن تحذيرها من التدخل في المشهد اللبناني القادم، وعلينا كلبنانيين وكعرب أحرار أن نستبق هذا المخطط لإفشاله في مهده بمعركة سياسية توعوية مصيرية بامتياز تسقط المؤامرة التي تستخدم الإطاحة بوحدة واستقرار لبنان أرضا وشعبا على مذبح المراد من نتائجها.
نظرتنا كشعب عربي لإيران ولغيرها من الدول أراها تنطلق من كون إسرائيل الصهيونية هي تناقضنا الأساسي والخطر الداهم الذي يمس وجودنا كعرب.
ومصالحنا الأساسية لا تنسجم مع مصالح الروس في محصلتها . فهم قد وصلوا في دعمنا او الوقوف معنا إلى النقطة التي بدأنا فيها نفترق أمام مصالحهم الأساسية، وليست نظرتهم إلى الصهيونية واحتلالها كنظرتنا.. وحكامنا باتوا ابطالا في المعسكر المعادي، إيران اليوم وذراعها العربي حزب الله وحدها في مواجهة استراتيجية مع إصرار المعسكر الصهيو أمريكي على حسم الحرب علينا لصالحه، البديل عن إيران في هذه المعادلة والظروف التي نفتقد فيها للبديل العربي هو حتما إسرائيل. فأين يكون اصطفافنا؟؟
رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/11/09