الحريري مفارقة الخصوم والحلفاء والسبهانيين الجدد
كمال خلف
أزمة رئيس الحكومة اللبنانية تبدو أنها شارفت على النهاية ، مع التدخل الفرنسي الذي سيفضي إلى نقله من الرياض إلى باريس . هي نهاية لقصة الاحتجاز والإقامة الجبرية ، وبداية لغضب سعودي بدأ يتبدى من خلال الهجوم الذي تشنه وسائل الإعلام السعودية على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون . وبداية لعودة الحريري التي ستطرح تحديات في الداخل اللبناني عن مرحلة ما بعد عودة الحريري . مواقف عون تجاه السعودية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين . عون لديه كافة المعطيات حول وضع الحريري وهو اطلع من البطرك “مار بشارة بطرس الراعي ” الذي التقى الحريري في الرياض لمدة 14 دقيقة فقط على أن الحريري بوضع سيء وغير طبيعي .
الرئيس عون كما اللبنانيين والفرنسيين ركزوا في مواقفهم على عودة عائلة الحريري معه ، هي لغة تعني أنهم غير واثقين من أمكانية ابتزاز الحريري من قبل السعودية حتى وهو خارج الرياض .
ماهو مؤكد أن أزمة الحريري الشق الأكبر منها يتعلق بالوضع الداخلي السعودي المرتبط باعتقال الأمراء ، وأن الرمي بها باتجاه حزب الله وإيران ومخاطر اغتيال الحريري في بيروت هو في سياق إخراج سعودي سيء وبدائي للاستقالة والاحتجاز، ومحاولة استثمار في الطريق .
ما يمكن فهمه من آخر مقابلة للسيد الحريري هو إمكانية بقائه في رئاسة الحكومة ، فيما سماه رغبته في الصدمة الإيجابية للبنانيين لتحقيق سياسية النأي بالنفس ، لا أستبعد أن يكرر الحريري مواقفه ذاتها من بيروت . إذ أن تصور انقلابا للحريري على السعودية غير وارد حتى لو أهين فيها و حجزت حريته . بيد أن تسوية جديدة تحسن وضع الحريري وتعطيه أكثر مما حصل عليه للوصول إلى رئاسة الحكومة أمر صعب جدا .
لكن المفارقة فيما حدث أن خصوم الحريري في لبنان وعلى رأسهم حزب الله ، سعوا إلى حريته ودافعوا عن كرامته و قاتلوا لعودته، وتمسكوا ببقائه في منصبه ، حتى لو عاد واستقال ولكن بمليء إرادته وحريته ، حتى لو انتقد و صعد سياسيا تجاههم ، لا مشكلة لديهم فهذا أمر آخر حسب رأيهم . لم يصدقوا المسرحية و انبروا لكشفها، لم يردوا على الحريري في أقواله من الرياض ، بل دافعوا عنه وطالبوا بعودته .
أما بعض حلفاء الحريري وبعض من في خطه السياسي ، فقد استعجلوا الإجراءات ، لحسم الاستقالة وطالبوا الرئيس بالبدء بالمشاورات النيابية لاختيار البديل لرئاسة الحكومة ، لا ضير أن يكون أخ الحريري بهاء هو البديل لزعامة تيار المستقبل ، مادامت السعودية ترغب به ، دون الاكتراث بمصير الرجل . وزعوا صور الملك سلمان وولي عهده ونثروها في شوارع طرابلس .جهدوا كي يصدق اللبنانيون الرواية السعودية ، لكنهم فشلوا .. ويحسب لأقطاب في تيار المستقبل وقوفهم في وجه هذا التوجه وعدم تمريره.
أما الزعامات السياسية السنية الأخرى في لبنان فقد أخذت وضع المزهرية وجلست على مقاعد الكومبارس ، تراقب اندفاع الرئيس ووزير خارجيته الموارنة و زعيم حزب الله الشيعي وهم يكافحون من أجل هدف واحد وهو الحرية الكاملة للحريري واعتبار استقالته غير دستورية حتى يعود إلى لبنان ، ومعهم الرأي العام اللبناني بغالبيته العظمى الذي توحد لبنانيا بعيدا عن الطوائف والمذاهب . لعمري أنها مفارقة تدخل التاريخ السياسي في لبنان .
تيار السبهانيين الجدد في لبنان لا يستهان به و ربما تتمكن السعودية من إنهاء الحريرية السياسية في لبنان كما أنشأتها، لكنها اكتشفت أن أوراقها في لبنان أقل من أن تعطيها حرية قلب الطاولة بالكامل .
يمكن القول بثقة أن مايخطط للبنان حمل بوادر الفشل من الآن ، حتى وإن كان حربا شاملة أو فوضى داخلية فتاكه.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/11/17