لقاء بوتين الأسد ورمزية الانتقال للحل السياسي في سوريا
د.عامر السبايلة
ظهور الرئيس السوري بشار الأسد في سوتشي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحمل بلاشك دلالات و رمزية كبيرة. فظهور الرئيس السوري الأول في العام ٢٠١٥ كان على خلفية إعلان روسيا لتدخلها العسكري و بدء العمليات العسكرية على الأرض في سوريا.
لقاء الرئيس بوتين بالأسد، يأتي بعد عامين و نيف على اللقاء الأول، ليعلن انتهاء العمليات العسكرية بعد إعلان سقوط داعش. من هنا يمكن النظر إلى رمزية إصرار الرئيس بوتين على حضور جنرالات الحرب الروس للاجتماع مع الرئيس السوري على أنه تقييم نهائي لفكرة إنهاء التدخل العسكري الروسي بصورته الكاملة و التي سادت في السنتين الأخيرتين. كذلك يمكن اعتبار الحالة الرمزية المتمثلة بظهور الرئيس السوري في روسيا و الاجتماع بالقيادة العسكرية الروسية على انه تمهيد لفكرة الانتقال السياسي التي عملت موسكو جاهدة للتأسيس لها على مدار السنتين الماضيتين.
لم يعد خافياً على أحد أن طريق موسكو للوصول إلى هذه المرحلة لم يكن سهلاً، و لعل ابرز ما قامت به روسيا على مدار الأزمة السورية هو إحداث التحول في العلاقة مع تركيا و دفع أنقرة باتجاه رؤية روسيا للحل في سوريا.
لهذا فان معضلة تعطيل مؤتمر جنيف على مدار السنوات الماضية بدأت بالتغير مع ظهور فكرة مؤتمر أستانة، و الذي وضع تركيا و إيران و روسيا في صف واحد.
خارطة الطريق الروسية كانت تشير منذ البداية أن الهدف الروسي هو إزالة معطلات الحل السياسي. الموقف التركي، و انتشار الجماعات المسلحة مثلت ابرز معطلات الحل السياسي، لهذا مثلت أستانة انجازاً حقيقياً في إطار الوصول للحل السياسي. بالرغم من أهداف المؤتمر كانت تقنية إلا أن مكاسبها كانت سياسية، حيث هدفت موسكو منذ البداية إلى انجاز فكرة وقف إطلاق النار، و من ثم الانتقال لتطبيق آليات فرض الاستقرار عبر تطبيق نموذج مناطق خفض التصعيد. هذه الخطوات أظهرت قدرة موسكو على صياغة تفاهمات مصالحية مع كافة الأطراف، و يمكن اعتبار منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري أحد أبرز الانجازات السياسية التي أنجزتها موسكو مع الولايات المتحدة و الأردن.
تدرك روسيا ضرورة و أهمية العودة إلى مؤتمر جنيف، حيث لا يمكن أن تحل المسألة السورية دون مظلة دولية، و بالتالي فان الهدف الأساسي هو العودة إلى جنيف في إطار جديد، يمثل انجازاً في آليات فرض الاستقرار في سوريا، و إنهاء وجود الجماعات المسلحة و انجاز تغيير في مواقف الدول على الصعيدين الدولي و الإقليمي، و في النهاية تشكيل معارضة سورية تسهل الوصل إلى الحل السياسي و تتخلى عن سياسة التعطيل التي سادت في الفترات الماضية.
هذا الانجاز انعكس أيضاً على المعارضة السورية و التي وجدت نفسها مضطرة للتكيف مع سياسة الأمر الواقع، و لعل ابرز ما قاد المعارضة السورية للوصول إلى هذه النقطة هو التغيير في الموقف الدولي والإقليمي الذي أدى إلى خسارة المعارضات السورية لحواضن حقيقية. يضاف إلى ذلك الانجازات العسكرية على الأرض و التي صبت في نهاية المطاف في خدمة روسيا و حلفائها، ففي ظل الأزمات عادة ما يحدد الواقع العسكري شكل المكتسبات السياسية.
من هنا تجد موسكو أن عوامل العودة إلى جنيف بدأت بالاكتمال، فعلى الصعيد الميداني لم يعد هناك وجود حقيقي لتنظيم داعش، و المعادلة السورية تغيرت تماماً، لهذا فان المطلوب روسياً الانتقال إلى إعادة صياغة فكرة المعارضة السورية و توحيدها و تهيأتها للانتقال إلى جنيف من أجل البدء في عملية الحل السياسي.
لهذا فان رمزية لقاء الرئيس بوتين بالرئيس السوري اليوم تشير فعلياً أن مرحلة بناء الحل السياسي وفقاً للرؤية الروسية قد بدأت.
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/11/22