العلاقات اللبنانية مع الكويت أخوية
ماهر خير
إنها الذكرى الرابعة والسبعون لاستقلال لبنان، سبعة عقودٍ ونصف العقد من مسيرة التضحيات والشهداء، فداءً للحرية والسيادة والإباء والكرامة.
عقود توالت فيها أزماتٌ ورهاناتٌ، ووقف الشعبُ اللبناني في وجهِ المواجهات وكان على مستوى التحديات، جابه ودافع وتصدَّى للمحن، ورغم كل المراحل الشائكة، ما سقط ولا انكسر، بل انتصر لبقاء الوطن، مسطِّراً أنشودة العنفوان والعزة، مستخرجاً عبر الظفر على القهرِ والغلبة على الاستلام، مستنبطاً معاني الكفاح وحبّ الحياة، وراسماً الدروب المشرقة بتطلّعات الأملِ وخطوات العملِ والجهدِ والمثابرة والعطاء وتحقيقِ الإبداع.
إن هذه العزيمة يستمدُّها لبنان من تفاعله الحضاريّ على مرِّ التاريخ مع دول وشعوب العالم أجمع، ويعزِّزها صلته وتفاعله مع محيطه وأشقائه العرب، وبالأخص مع دول الخليج الصديقة التي يحرص لبنان حرصاً شديداً على الحفاظ عليها وتمتينها،
لا سيَّما دولة الكويت الشقيقة التي يتزامن هذا العام والذكرى الخامسة والخمسون لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بينها وبين لبنان، وفي الحقيقة، إن هذه العلاقة تتخطّى الدبلوماسية، فهي أخوية وإنسانية بالدرجة الأولى، وتعود إلى حوالي قرن من الزمن، فنرى في كل بقعةٍ على أرض لبنان بيتاً كويتياً، ونرى في قلب كلِّ لبناني نخلةً باسقة تُسقى بالحبِّ للكويت – كويت العطاء وسخاءِ الكرم الإنساني، وعلى رأسها سمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح الذي لا ينسى اللبنانيون أبداً جهوده واندفاعه ومحبته ووقفاته المشرِّفة الداعمة للبنان في كلّ الشدائد التي مرَّ بها، فتجذَّر في وجدانهم حبُّهم الكبير لقائد الإنسانية، وحُفرت صورة الكويت أرض الانفتاح والتسامح والاعتدال وأرض النخوة وجوهر الإنسان.
وليس غريباً أنه حين دعوتُ اللبنانيين باسم السفارة إلى حملة «الكويت في قلب لبنان» للتبرّع بالدم لمصلحة بنك الدم الكويتي، أن نراهم يتهافتون ويجودون بدمائهم، مؤكدين عمق العلاقة الأخوية بين البلدين، ومثبتين وفاءهم للكويت التي تحتضنهم منذ سنوات طوال، وهم لم يبخلوا ولن يبخلوا بمهاراتهم وطاقاتهم ولا بغيرتهم عليها وسيكنّون لها دائماً ودّهم وتقديرهم لعطاءاتها وبرِّها.
كما إن لبنان بكل أطيافه ومستوياته يتطلَّع أبداً إلى الرقيّ بهذه العلاقة، فقرر فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون القيام بزيارة الكويت في الخامس والسادس من الشهر الجاري، إلا أن الأسباب الطارئة الأخيرة حالت دون إتمامها، إلا أنها لا زالت قائمة تأكيداً على أهمية وضرورة وصلابة هذه العلاقة المكمِّلة لكلا البلدين، والتي مهما اشتدت العاصفة، فلن تنال منها الرياح.
ونحن كبلدين، مشهودٌ لهما بخطِّ سطورِ النور والإشعاع، يترتَّب علينا في وقتنا هذا، ألا نكفَّ عن لعبِ دورِنا الرياديّ في مواجهة التحدِّيات، وفي تفعيل الحوار الإنساني ونصرة الزنبقة على السكّين، وتغليبِ ضياءِ الفجرِ على الغسقِ والعتمة.
فالكويت هذا البلدُ اللؤلوئي الطليعيّ الوهَّاجُ على شواطئ الخليج، ولبنان بلدُ العراقةِ والتعدّديةِ والأرجوانِ والأبجديَّة، هما محرِّكان ضروريان لاستنهاض الفكر التنويري ومتابعة مسيرة الإبداع، كما هما وتدان أساسيان في بناء وترسيخ أسُسِ الرقيّ والتقدّم.
وما أروعهما حينما يتجلَّيان بصورتهما البهيَّتين، ويلتقيان على جوهر الكلمة التليدة وشذى نغمة الأجداد وعلى إيقاع صدى نبض ثقافتنا الخافقة في عُروقنا والضاربة في عُروق الشعوب والأزمان. فندعوكم الى الاحتفال معاً بالأسبوع الثقافي اللبناني الذي يُقام بالتعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب من 27 إلى 29 نوفمبر، إكراماً لمقام ورفعة الكلمة، وانتصاراً للحياة.
عاش لبنان..
عاشت الأخوة اللبنانية الكويتية..
جريدة القبس الكويتية
أضيف بتاريخ :2017/11/22