صفقة القرن ومرحلتها الأولى “القدس″.. وأمور أخرى
أ. د احمد القطامين
ظهر مسؤول أمريكي سابق على إحدى القنوات العربية في برنامج حواري حول قرار الرئيس الأمريكي ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وكان حضوره واضحا جدا وشفافا للغاية ونطق بوضوح لا لبس فيه معبرا عن موقف إدارة ترامب من العرب والمسلمين والأمم المتحدة والقوانين الدولية.
ردا على سؤال مقدم البرنامج حول الموقف الأمريكي الذي يخترق القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة حول القدس، قال المسؤول الأمريكي إن القوانين الأمريكية تسمو على أية قوانين أخرى وأن أمريكا عندما تتخذ قرارا ما فأن أية قرارات دولية أخرى تتعارض معه تصبح لاغية.
هذا في الواقع هو التعبير الحقيقي عن خلاصة مواقف إدارة ترامب التي ترفع شعار “أمريكا أولا” وما بعدها الطوفان. كل هذا يشير بوضوح إلى أن العالمين العربي والإسلامي سيواجهان تحديات ضخمة في الفترة القادمة لكونهما الحلقات الأضعف على المسرح الدولي.. فترامب لا يخفي حالة العداء الكبيرة التي يكنها للإسلام والمسلمين بل يعلنها علنا ولأكثر من مرة وذلك لانجاز هدفين اثنين أولهما إرضاء طريقته الغريبة في التفكير التي تعكس كونه لم يخضع في طفولته إلى تعليم مناسب بالإضافة إلى امتلاكه لعقل متطرف جدا وثانيهما سعيه إلى المحافظة على قاعدته الانتخابية التي أوصلته إلى البيت الأبيض والمكونة من جميع فئات اليمين الأمريكي المتطرف الذي يؤمن بتفوق الجنس الأبيض على بقية الأجناس البشرية.
الغريب في الأمر أن حكاما عربا كثر يدركون ذلك لكنهم يتجنبون المواجهة مع ترامب ويفضلون الانضواء تحت مظلته لعل ذلك يشفع لهم عندما يبدأ هجومه القاتل على الأمة من خلال ما يسميه “صفقة القرن” والتي كانت عملية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أولى مراحلها وستتبعها مراحل أخرى تمتلك نفس خصائص المرحلة الأولى بكونها غير منطقية ولا تراعى القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن وتسعى إلى تمكين إسرائيل لتتمكن من السيطرة على المنطقة بالكامل.
إن ما يجري خطير جدا، خاصة أن الممهدات الإستراتيجية التي تمت خلال السنوات الماضية قد أنجزت، فقد تم تدمير العراق وإضعافه ولحقت به سوريا تدميرا وتخريبا غير مسبوق في هذه المنطقة من العالم العربي، وقد تم أيضا إضعاف مصر وتجريدها من قوتها الناعمة المهمة للتصدي للمؤامرات الغربية وتم أيضا إشغال السعودية واستدراجها إلى بؤر توتر خلقت خصيصا لها ومن ثم تم تحييدها ، هذا فيما يتعلق بالعرب إما الدول الإسلامية القوية(إيران وتركيا) فقد حوصرت أمريكيا وإسرائيليا فبينما دفعت تركيا إلى مواقف أنهكت سمعتها الوطنية وانقلابات مدبرة لإضعاف بنيتها المجتمعية الداخلية. إما إيران فقد كانت النقطة الأكثر جذبا للمؤامرات الأمريكية والإسرائيلية، فقد تم إقناع النظام الرسمي العربي أن إيران العدوة الحقيقية ويجب محاربتها لتحل قسرا محل إسرائيل في تلقي العداء العربي لسنوات طويلة قادمة.
كل هذا تم من أجل هذا اليوم “صفقة القرن”..
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/12/17