قيم مع وقف التنفيذ!
عبدالرحمن الثابتي
كلنا نعرف أن الكذب رذيلة ومحرم والصدق فضيلة ومأجور صاحبه، وخلق حسن ولكن نكذب إلا ما ندر -كذبات صغيرة أو كبيرة- المشكلة ليست في عدم وضوح القيمة ولكن في عقبات تطبيقها كما أشار الكاتب صلاح قلنسوة في كتاب الدين والفكر والسياسة، كلنا نكره الفساد الإداري ونكره أن تأخذ حقوقنا وتعطى لغيرنا بالواسطة ومع ذلك لا نتورع عن الفزعة لصديق أو قريب أو حبيب، إذا المشكلة ليست في الجهل بالقيمة ولكن في عقبات التطبيق!
كلنا نحب النظام ونعرف أن إتباعه فضيلة ولكن نخترقه في ظرف معين على أقل الأحوال، مع أن الغالبية يخترقون النظام بشكل دائم، وكلنا إلا من رحم ربي يحتالون على النظام، مالم يكن الرقيب حاضرا وعينه ساهرة، فنحن نعتقد أن مهمتنا هي عدم القبض علينا بالجرم المشهود وليس عدم اقتراف الخطأ!
إن هذه المقدمة بما فيها من أمثلة تحاول أن توصل فكرة بسيطة أن القيم وحدها لا تكفي، والوازع الديني لا يكفي والتزام طرف واحد بالقيمة لا يكفي لأن الناس تحب القيم وتخشى القانون، ويجب أن لا نترك القيم الجميلة لمزاج الأفراد أو الجماعات، فكلنا نتمنى ونحب القيم الجميلة مثل العدل والحرية والنزاهة ومحاربة الفساد والتحرش بالنساء والتعدي على الأموال العامة والممتلكات العامة وكل هذه الأمنيات تحتاج لقانون يحميها ويردع من تنازعه نفسه للتعدي عليها لتنتقل من مخيلاتنا إلى أرض الواقع.
غالبا ما تكون القوانين التي تحمي الأعراض والأموال والحريات هي مطلب شعبي ونخبوي وللذين يتصدرون المشهد أي كان نوع هذا التصدر سواء بالوجاهة الدنيوية أو الدينية، ولكن في حالة المجتمع السعودي لازال هنالك خلل مصدره في ما أظن تعارض المصالح، فعلى سبيل المثال قانون التحرش يتم الوقوف ضده بشكل مستميت بحجج واهية وكأن حماية أعراض الأفراد شيء يجب ألا يحدث لأنه خطر على قيمنا بحجة أنه تغريب وأنه سيجلب الاختلاط!
مشكلتنا إذا ليست في عدم وضوح القيم ولكن في عدم وجود قوانيين تحمل الناس على تطبيق القيم رغبة ورهبة وهذه القوانيين هي التي تضمن أن لا ننتظر ضمير أحدهم ليصحو، أو ننتظر الوازع الديني ليردع الشاب عن التحرش، أو ننتظر الرجل أن يمنح المرأة حقوقها لكرم أخلاقه ونبله، فالقانون هو القوة الدافعة لكل القيم النبيلة والرادع عن البغي والجور والظلم والتعدي على الآخرين، فهل فهمنا كيف تقدم الآخرون وتخلفنا أخلاقيا، لأن قيمهم تحميها قوانين ونحن ننتظر ضمائر الناس لتصحو!
صحيفة أنحاء
أضيف بتاريخ :2016/01/10