عندما “يَغضب” الجزائري والأردني والمِصري والسوداني من السعوديّة: هل يُمكن أن تستعيد المملكة دَوْرها وتَقود الأُمّة؟
خالد الجيوسي
يبدو التطبيع مع الكيان الصهيوني أمراً لا مفر منه في العربيّة السعوديّة، لكن القيادة السعوديّة تعيش هذه الأيّام نوعاً من الإحراج في العالم العربي، ونحن نتحدّث عن الشعوب العربيّة، لا الأنظمة التي تبحث عن مال المملكة المذكورة.
في الأردن، ومن يتحدّث مع الأردنيين عامّةً ونُخب، يرصد هذه الخيبة التي تعتلي الوجوه، من المَوقف السعودي المُضاد لبلادهم، ويَشعر كل أردني أن هُناك مُؤامرةً تُحاك ضِد بلاده، هذا عدا أن الحُكومة الأردنيّة، تخضع تدريجيّاً، ويشعر الأردنيون أن الابتزاز المالي الذي تُمارسه السعوديّة، وصل حد المُغامرة، واللعب بمُستقبل الأردن، ووصايته الهاشميّة على المُقدّسات في القُدس، هذا عدا عن “التقديس″ الذي يحظى به التحالف الأردني- السعودي في المملكة الهاشميّة.
الجزائريون أيضاً، حالهم كحال الأردنيين، وشُعورهم الغاضب تُجاه السعوديّة، ومَوقِفها تحديداً من القُدس، فهم عبّروا عن ذلك علانيةً، حين اعتبروا أن العاهل السعودي، والرئيس دونالد ترامب، وجهان لعملة واحدة، في الحادثة التي رفعت صورة الملك سلمان، ونصفه الآخر ترامب، واضطرت على إثرها الجزائر الاعتذار، لكن هذا الاعتذار لم يكن مقبولاً شعبيّاً، وقد عبّر الجزائريون عن هذا عبر وسم “ترند” أكّدوا فيه أن الجزائري لا يعتذر، وهم في الحقيقة لا يفهمون ما الذي أغضب المملكة النفطيّة، إذا كان العاهل السعودي نفسه استقبل ترامب في “مضارب عاصمته”!
المِصريون، وحالهم ليس أفضل من حال أشقائهم، فهم أمام غيظ بيع جزيرتي تيران وصنافير أولاً، وفيهم من العُروبة التي تعتبر القدس أغلى من الجُزر المُباعة، وهو ما اختصره بائع مصري في صورة شهيرة، حين كتب: “تيران وصنافير دول جُزري، بس فلسطين فيها قُدسي”!
في السودان، ومع تقديم الرئيس السوداني جزيرة “سواكن” للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عاد السعوديون لمُهاجمة الأخير عبر منصّتهم في “تويتر”، ودعوا لمُقاطعة السياحة في تركيا، ردّاً على موقف الأخير في قمّة القُدس الإسلاميّة، وعدم اكتراثه بالمُقاطعة السعوديّة، ومُمارسته سياسة “الحشر” في سواكن السودانيّة، ومن قبلها قطر التي يُرسل إليها جُنوده لحمايتها، ويستعيد عبر ذلك مجده العُثماني.
السعوديون، أثاروا غضب السودانيين، حين عبّرت صُحفهم عن دور المملكة في إنقاذ السودان من العُقوبات، والخيانة التي مارسها الرئيس السوداني عمر البشير، وتسليمه سواكن لأردوغان، وكأن السعوديّة تعمل دائماً، ليستفيد غيرها من أخطائها في المِنطقة.
هذه عيّنة بسيطة من آراء الشارع العربي، تُجاه النظام السعودي، ومواقِفه التي لا تخدم الأمّة العربيّة والإسلاميّة، وحقيقةً يشعر هذا النظام بهذا العداء، الذي كان واضحاً حين حُرقت صور العاهل السعودي، وكُتب عليها عبارات “التخوين”، وفي ساحات الأقصى، ومن أبطال شعبنا الفِلسطيني.
تستشعر السعوديّة هذا الغضب الشعبي العربي العارم، فتتراجع عن استضافة فريق الشطرنج الإسرائيلي على أراضيها، وتمتنع عن منحه التأشيرة، لكن هذا الفريق جاء وبحسب توصيف الصحافة الإسرائيليّة، والذي اعتبرته الأخيرة أمراً يدعو للتفاؤل، جاء في المرتبة الثالثة في المنع بعد إيران وقطر.
نَسأل، والسّؤال مُوجّه للقِيادة السعوديّة، التي تُتابع بالتأكيد ردود فِعل الشارع العَربي، من خلال جيوشها الإلكترونيّة الجرارة، هل يكفي التراجع عن استضافة فريق إسرائيلي، وعرض فيلم وثائقي عن بطولات السعوديين، وتضحياتهم في فلسطين في الماضي، حتى تعود لدورها ومكانتها التاريخيّة في الدفاع عن الأمّة، بالعاميّة الفلسطينيّة نقول: “هذا بسمّوه ضُحك على اللحى”!
صحيفة رأي اليوم
أضيف بتاريخ :2017/12/30