طرقنا.. هل باتت مصدرا لكوارثنا؟!
عبدالغني القش
في كل مرة نفاجأ بحوادث طرق مؤسفة، تصل لدرجة الكارثية، ينتج عنها مصرع العديد من الأشخاص، وإصابة عدد كبير، والسبب سوء الطريق، وبعده عن وسائل السلامة الضرورية.
وفي كل مرة يدوي الأنين وتتعالى الصيحات، والناتجة عن ذلك قلوب مكلومة وأفئدة تفطرت على فقدان عزيز وربما أعزاء، ولا بواكي لهؤلاء المغلوبين على أمرهم؛ إذ لا مناص من سلوك ذلك الطريق ولا مجال للتهرب منه، والمصير في نهاية الأمر قلوب حرى وعيون دامعة ونفوس شاكية، والنتيجة جثث تتطاير وأشلاء تتناثر.
كم كتبت الصحف عن حوادث المعلمات، وهكذا الحوادث التي تقع بسبب عدم جودة أو وجود السياج والفواصل بين الطريقين، فماذا كان الإجراء؟
من المؤلم أن يكون الإجراء وقتيا، ونفسيا، وليس عمليا، وإذا أردنا أن نصارح أنفسنا فلنقل إعلاميا لا أكثر!
بمعنى أنه بمجرد وقوع الحادث يبادر المسؤول بتقديم واجب التعزية لذوي المتوفى أو المتوفين، أو زيارة المصابين في مستشفياتهم، وهكذا يغلق الملف دون تصحيح للمسار، بل ربما دون التحقيق في أسباب وقوع الحادث.
وفي كل مرة يتكرر ذات المشهد، ويعاد معه نفس الإجراء، ويمر مرور غير الكرام، دون حسيب!
وبطبيعتنا البائسة، التي قضت أن نستغرق في السبات حتى وقوع كارثة، فقد وقع مؤخرا حادث مروري مأساوي ذهب ضحيته ستة أفراد من عائلة واحدة مع أمهم بسبب سوء حال الطريق الواصل بين محافظتي صبيا وهروب وقصور صيانته، وتناول الإعلام ذلكم الحادث، فكانت النتيجة أن أعفى وزير النقل مدير الطرق في جازان على خلفية الحادث، ولكن هل يكفي هذا الإجراء، أترك الإجابة للقائمين على وزارة النقل.
وهل كنا بحاجة لحوادث وكوارث مروعة تنبهنا إلى بعض حال الطرق، وبخاصة تلك الواصلة بين محافظات ومراكز بعض المناطق، والتي تمثل الحفر والتشوهات هويتها، ولو كانت أعمال الصيانة الدورية تتم بكفاءة وبإتقان لما حصدت الأرواح وحطمت المركبات، وكأن الوزارة بهكذا قرار قد أصلحت الوضع!
إن من المشاهد قيام الوزارة بجهود كبيرة في شق الطرق وإيصال المناطق والمحافظات والمراكز بعضها ببعض، ولكنها تفتقد الحلقة الأخيرة، وهي ما بعد إنشاء الطريق، فالصيانة ضعيفة جدا، والخدمات ربما تكون معدومة تماما في البعض الآخر، ولا تضع رقما ثلاثيا لإبلاغها عن الملاحظات!
وقد سبق الحديث عن بعض الطرق مثل طريق المدينة المنورة – ينبع، وكذلك الطريق المؤدي إلى الرياض والقصيم، فهي خالية تماما من مناطق الخدمات، ومراكز الإسعاف، ولنا أن نتصور قائد مركبة مصابا بداء السكري يتعرض لغيبوبة مفاجئة فلا يجد مركز إسعاف بل ولا مراكز خدمة على الإطلاق، وقد وقع حادث لأحد معارفي وتوفي، حيث وجده ذووه على جانب الطريق وقد فارق الحياة!
لا أعلم لماذا تحدث هذه الفجوة بين الوزارات، وإن شئت فقل الهوة السحيقة، فوزارة الطرق تشيد الطرق وتتركها لوزارات أخرى، كالبلدية والصحة وهيئة الهلال الأحمر السعودي وشركة الكهرباء وغيرها!
وأتساءل ألم يقم المسؤولون بزيارة لدول أخرى؛ ليشاهدوا كيف تتم خدمة الطرق، والعناية بها من حيث الخدمات والتشجير وتهيئة الأماكن على جنباتها، وإيجاد ما يمكن أن يقضي على خلو الطرق مما يشوهها، وقد باتت الطرق لدينا أشبه ما تكون بمفازة (مهلكة)؛ فقد شوهتها تلك الفيافي الموحشة فهي موحشة بكل ما تعنيه الكلمة، في حين أن طرقا تمتد لمئات الآلاف من الكيلومترات في بعض الدول ويقطعها السالك لها دون أن يشعر، فلماذا لا نحاكي تجارب غيرنا ونصر على أن نبدأ من البداية أو الاستكانة على ما نحن عليه؟!
صحيفة مكة
أضيف بتاريخ :2018/01/27